محسن الأكرمين.
لماذا خسر المنتخب المغربي مباراة نصف النهاية وفاز الفريق الفرنسي؟ قد يكون هذا السؤال من الأسئلة السخيفة الذي لا ينبغي طرحه، ونحن لازلنا نتجرع مرارة الإقصاء والبحث عن المشجب الصلب لتبرير الهزيمة. قد يحتمل السؤال ما هو فكري سياسي، وما هو ماكر أكثر ممَّا هو عليه من مقال في لعبة رياضية. قد نستجمع من السؤال دلالات تعثر المنتخب المغربي في نصف نهائيات كأس العالم وتقدم فرنسا نحو مباراة النهاية ضد الأرجنتين. كل هذا من بين المقاربات التي تُعلمنا يَقِين الحسم في الإجابة وحصر دراسة الأسباب لا تفكيك أعراض الخسارة، وبالتالي إعادة النظر في أغلب التفسيرات أو الإجابات سواء كانت متناسقة أو متنافرة.
من البداية نرفض النظرة الاستعلائية والتصنيف المجحف ( فِرقُ العالم الأول/ وفُرقُ العالم الثالث). نرفض ادعاء تحكم لوبيات هرم الثالوث (السياسة والمال والرياضة) في قطر2022، وأن المباراة عرفت تدخلات من بوابات كبرى بالسر. نرفض تحكم السؤال القديم: هل يستطيع التابع بالسليقة أن يتحدى المتحكم؟ نرفض التناسخ في التحليلات والبقاء عند نقطة الصفر، ونحمد الله بكرة وعشية أن المنتخب المغربي وصل إلى مرحلة نصف النهاية، وإلى مباراة الترتيب ضد كرواتيا.
اليوم نتكلم بلغة الشعب الدالة، وبلغة أمة وعالم صفق فرحا لإنجازات الأسود، وبكى الوطن مرارة من الإقصاء اللامنصف من حيث الأداء والنتيجة. قد لا نتوافق البتة إن نحن آمنا بشطط (فيفا) وانحراف الانزياح مع فرنسا في فهم الخسارة الكروية للمنتخب المغربي، وتفسيره الضمني باللاهوت السياسي والاقتصادي و(ماركة) اللوبي العالمي الذي لا يرضى بلدا من العالم الثالث، ومن إفريقيا بالضبط أن يُتوج بكأس العالم. قد لا نعلن ولا نقبل بأنها مؤامرة من تراجيديا محاكاة المأساة السوداء للغرب، والتقوقع في بؤرة التهابات المظلومية، وقفا نبك عند محطة الخسارة مع فرنسا.
اليوم نتواضع بفخر نحن المغاربة في طموحنا وحلمنا الكبير، وفي قدراتنا الذاتية والوطنية التي أوصلت المنتخب لنصف نهاية كاس العالم بقوة العمل، وعزيمة نية الأداء مع كل فرص التهديدات واستغلالها بالوجه المطلوب (ثلاثي منصة التتويج).
اليوم نضرب الأمثلة للعبرة من تلك الفرق التي لها وزن في عالم تاريخ الكرة المستديرة وأخفقت من أدوار المجموعات. لن نقلل من شأن ما تم إنجازه من طرف وليدات المغاربة (الشعب) كافة، لكنا نأخذ بعين الاعتبار تفكيك ومراجعة وإعادة بناء سيناريو الإخفاق مع فريق فرنسا. فليس المغرب من دول (القُصَّر) الذين يحتاجون دوما إلى من يوجههم ويرشدهم في الكبيرة والصغيرة، بل المغرب بات يماثل قيادة الند في قراراته المستقلة نوعا ما، وبالبعد والنأي عن المتحكمين.
اليوم نُوفِ المنتخب الوطني حقه من تحية العز والفخر بما تم إنجازه خلال مونديال قطر 2022، ولن نقوض مرتكزات ما وصل إليه الفريق الوطني، فالتنقيط المعياري (فيفا) نصب المنتخب المغربي في الرتبة (11)عالميا، و لما لا إعادة إنتاج نفس الطفرة النوعية في كل مجالات التنمية الوطنية، وتحقيق الدولة الاجتماعية.
إلى حد هنا، يبقى سؤال العنوان المركزي عالقا، وسنكتفي بمجموعة ممَّا ورد في بعض المواقع الاليكترونية والاجتماعية والجرائد الورقية الوطنية والدولية، فباتت الغالبية تتكلم لغة واحدة من نصرة ما تحقق من نتائج بالفرح والتصفيق. وأخرى تُرْجِعُ أسباب الهزيمة ضد فرنسا إلى مؤامرة كبرى لا ندري نحن بواباتها !! أو إلى تلك التشكيلة التي أدخلها بداية الناخب الوطني، أو إلى الخطة الميدانية وتوزيع (تشتت) اللاعبين داخل رقعة الملعب، أو إلى طبيب الفريق الذي أهل جاهزية اللاعبين المصابين، أو إلى البدائل غير الحربية بالإقناع والأثر التفاضلي، أو إلى الحكم والتهامه بغير العدل( عدم العودة إلى VAR)… كل هذه أسباب وإن اجتمعت تُعْطينا نتيجة الخسارة وضرورة قبولها بصدق القلب وحكامة المعطيات. لكن مرة ثانية نؤكد أن الحلم المستحيل تحق بالتفرد للمنتخب المغربي، وبالإقناع والاقتناع العالمي.