أقلام حرة

تعلمت أن أفكر من خلا ل (الأنا) وبأن أعيش ضمن (نحن).


تعلمت من (الأنا) القول الرزين المُنْبثق من عقل الوعي وخيال اللاوعي. تعلمت من (الأنا) كل المُوجهات الممكنة والقرارات المتأنية، تعلمت من القيم المكتسبة أخلاق العناية. تعلمت من (الأنا) النافرة عن الحياة لحظات من التيه، حيث باتت (الأنا) تبحث عن موطئ قدم ثابت وآمن. تعلمت من (الأنا) محاربة ممارسات تضخيم (الهو) في اللاوعي ببدائية ترك الجنة، وبعقلية سيطرة التملك. تعلمت من (الأنا) الانفتاح على الذات بمتغيرات المشاعر النفسية، وليس بسلوكيات نفخ الأوداج. تعلمت من (الأنا) كفاءة حساب المعادلة الفيزيائية بين نقطة البداية بأنا الضمير المنفصل، ونهاية سجال (الأنا) العليا، وفتح بوابات التواصل الفعال مع ضمير الجمع المنفصل (نحن).
علم النفس الاجتماعي يؤكد أن استعمال (الأنا) العليا يماثل امتلاك الوعي في المدينة الطوباوية. تعلمت من منزلقات السيطرة ردة التفكير باللاواقع، والتعسف النمطي. تعلمت من تضخيم (الأنا) غياب الحياة بالإنصاف وتكافؤ الفرص. تعلمت من جبروت (الأنا) غياب الحياة المريحة، وفقدان التوازن الكوني، وبلوغ ذروة الديكتاتورية المانعة للحريات.
حين تصبح (الأنا) العليا توبخ وتهين (الأنا) المنبطحة، أُصاب برُهَاب عُصاب المخاوف بالانبطاح، وأبيت أبحث عن ذاتي اليقظة التالفة عني بتساؤل: كيف لي أن أتأكد من أني متوازن الطباع والسلوك والمواقف؟
قد يكون سلم التراتب الاجتماعي يصنع المقدس، و يبرز صورة معيارية للشرفاء والفضلاء بلا توقف عند مساواة أسنان المشط، قد ينفي (الهو) في اللاوعي الصورة الاجتماعية العادلة، وتبيت معادلات الأرزاق والمناصب والصفات تميز بين أبناء آدم وحواء. يوما ما سأتصالح مع ذاتي، ومع واقعي (الأنا ونحن) مهما كان في البؤس والهشاشة، يومها سأتحرر حتما من (اللاوعي) المتحكم في الذات الواقعية، حينها سأشعر بالانتماء الاجتماعي غير الحيواني بفطرة حي بن يقظان، والعقل الجمعي.
تجربة التجرد من الزيف المنمق بالمظاهر الخادعة، ما هو إلا محاولة لبيان وجه الصدق عند (الذات) و(نحن). (فالأنا)أتبث حكم التضخم ثم اللين غير السميك، وبلا تسويغات من الخطاب المنمق، حينها تصير الأقل جاذبية. وقد تصل (الأنا) حد جدال السفسطة المملة.
في (نحن) أجفف روحي، أتخلص من النظرة (الأنا) المتسلطة بالدونية. في (نحن) تضحي النفس الإنسانية في راحة وتغيب الأنانية، ويكون الخطاب الاجتماعي ضمن وعاء(نحن) الكلي الذي يحضن الكل بالتفكير والمشاركة، وبلا مفسدات قمعية ولا استئصالية. في (نحن) يكون الخطاب ذا رموز مشتركة وبأيد وتفكير جماعي متضامن (نحن والغد الممكن).
ثنائية (الأنا / نحن) تنقلنا بالحتمي بين التنافر في خطاب (الأنا) المموهة، ووحدة القضايا المشتركة المكشوفة (نحن). إنها عملية ترسيخ صدمة التضاد، وتعامد التناص التاريخي مرات بالتنافر وأخرى بالتقارب غير المتوقع. فالتجول في فلسفة (الأنا) و(نحن) تماثل حرب الكر والفر عند طارق بن زياد، فهي بحق المقارنة بين قول: (العدو أمامكم والبحر من خلفكم) وتحفيز الأداء عند (الأنا) وتكتيل (نحن) بالفعالية والأثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 + 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار