يشهد قطاع الصيد البحري في المغرب تحولًا نوعيًا يعكس التوجهات الاستراتيجية الوطنية الرامية إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد البحري وتثمين الموارد الطبيعية. ومن بين المشاريع التي تجسد هذا الالتزام المستمر، جاء تدشين سوق السمك من الجيل الجديد بميناء المهدية بالقنيطرة، ليكون شاهدًا على رؤية متكاملة تهدف إلى تطوير البنية التحتية المخصصة لاستقبال وتسويق المنتجات البحرية، بما يتماشى مع أعلى المعايير العالمية.
هذا المشروع الطموح، الذي افتتحه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات السيد أحمد البواري، وكاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري السيدة زكية الدريوش، وبحضور عامل إقليم القنيطرة عبد الحميد المزيد، يمثل خطوة نوعية نحو تحسين جودة المنتجات البحرية وتعزيز تنافسيتها في السوقين المحلي والدولي.
يمتد السوق الجديد على مساحة إجمالية تبلغ 1460 مترًا مربعًا، وتم إنجازه باستثمار إجمالي قدره 20 مليون درهم. هذا الاستثمار ليس مجرد رقم، بل هو انعكاس لرؤية طموحة تهدف إلى تحقيق قفزة نوعية في قطاع الصيد البحري، عبر توفير فضاءات مخصصة لفرز وعرض المنتجات البحرية، وغرف تبريد حديثة للحفاظ على الجودة، بالإضافة إلى مرافق تقنية وإدارية تتماشى مع الاحتياجات المتزايدة للمهنة.
لا يقتصر دور السوق على الجانب التقني فقط، بل يمتد ليشمل دعم الدينامية الاقتصادية المحلية والوطنية. فقد أكدت السيدة زكية الدريوش، في تصريح للصحافة، أن السوق الجديد يمثل “نقلة نوعية” لدعم قطاع الصيد البحري، من خلال تحسين ظروف عمل المهنيين وضمان تقديم منتجات ذات جودة عالية للمستهلك.
ميناء المهدية، الذي شهد تسويق أكثر من 14 ألف طن من المنتجات البحرية خلال سنة 2024، بقيمة إجمالية بلغت 86 مليون درهم، أصبح اليوم نقطة محورية في الجهود الوطنية لتطوير قطاع الصيد البحري. السوق الجديد يُعدّ الـ14 ضمن 18 سوقًا من الجيل الجديد التي تم إنجازها في المملكة باستثمار إجمالي بلغ 630 مليون درهم، مما يعكس حجم الجهود المبذولة لعصرنة البنية التحتية البحرية وتحقيق التنمية المستدامة.
بتدشين سوق السمك بميناء المهدية، يعزز المغرب موقعه كفاعل رئيسي في الاقتصاد البحري، مستندًا إلى رؤية استراتيجية طموحة تجمع بين الابتكار والتطوير المستدام تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله. هذا المشروع، بما يحمله من إمكانيات واعدة، ليس فقط خطوة نحو تحسين ظروف العمل والتسويق، بل هو أيضًا شهادة حية على التزام المملكة بالارتقاء بالقطاعات الإنتاجية، بما يعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني على المستويين الإقليمي والدولي.