اليوم السبت في مدينة كان بفرنسا، أجريت مباحثات ثنائية مع وزيرة الثقافة الفرنسية السيدة رشيدة داتي. في بداية اللقاء، تم التأكيد على العلاقات المتميزة التي تجمع بين المغرب وفرنسا. وناقش الطرفان سبل تعزيز التعاون في المجالات الثقافية المختلفة، بما في ذلك السينما والتراث الثقافي، وأكدا على أهمية التنسيق المشترك في إطار منظمة اليونيسكو لمكافحة السطو على التراث الثقافي.
وفي نهاية المحادثات، تم توقيع اتفاقية ثنائية حول الإنتاج المشترك والتبادل السينمائي، تهدف إلى تبسيط الإجراءات المتعلقة بالإنتاج المشترك بين السينمائيين من البلدين. كما قمت بزيارة للجناح المغربي في مهرجان كان السينمائي، الذي يشارك فيه السينمائيون المغاربة بقوة في دورته السابعة والسبعين.
أما فيما يتعلق بموضوع آخر، نود التحدث عن أهمية الحفاظ على التراث الثقافي في العصر الرقمي. يعتبر الحفاظ على التراث الثقافي في العصر الرقمي من القضايا الملحة التي تتطلب تضافر الجهود العالمية. في عصر يتسم بالرقمنة السريعة، يصبح من الضروري اعتماد استراتيجيات فعالة لحماية التراث الثقافي المادي وغير المادي.
تتيح الرقمنة حفظ النسخ الرقمية من المواد الثقافية مثل المخطوطات، الأعمال الفنية، والمعالم الأثرية، مما يضمن استدامتها للأجيال القادمة. يمكن للرقمنة أن تسهل الوصول إلى التراث الثقافي للجميع، بغض النظر عن الموقع الجغرافي، مما يعزز التفاهم والتقدير بين الثقافات المختلفة. كما توفر المواد الرقمية موارد قيمة للباحثين والطلاب حول العالم، مما يدعم الدراسات والأبحاث في مجالات متنوعة.
مع ذلك، فإن عملية الرقمنة تواجه عدة تحديات. يتطلب إنشاء وصيانة الأرشيفات الرقمية موارد مالية وتقنية كبيرة. يجب ضمان أن النسخ الرقمية تعكس بأمانة المواد الأصلية دون تشويه. ويتعين حماية الأرشيفات الرقمية من التهديدات الإلكترونية مثل القرصنة والهجمات الإلكترونية.
توجد أمثلة ناجحة على مشاريع الرقمنة، مثل مكتبة الكونغرس الأمريكية التي تمتلك واحداً من أكبر مشاريع الرقمنة في العالم، حيث توفر ملايين الكتب، التسجيلات الصوتية، الصور، الأفلام، والخرائط الرقمية. أيضاً، يسعى مشروع جوجل للكتب إلى رقمنة ملايين الكتب من مكتبات حول العالم، مما يتيح الوصول إلى المحتوى الأكاديمي والعلمي بسهولة.
يتطلب الحفاظ على التراث الثقافي الرقمي تعاوناً دولياً وثيقاً. يجب على الدول والمنظمات الدولية العمل معاً لتطوير معايير وسياسات موحدة لضمان حماية التراث الثقافي في العصر الرقمي.
في الختام، إن الحفاظ على التراث الثقافي في العصر الرقمي ليس فقط مسؤولية الحكومات والمؤسسات الثقافية، بل هو واجب عالمي يتطلب مشاركة فعالة من جميع الأطراف لتحقيق هذا الهدف النبيل.