سناء بنعظيم، مديرة مشروع بمؤسسة الأطلس الكبير
في شتنبر 2023، أطلقت الحكومة المغربية، بدعم من جلالة الملك محمد السادس، إصلاحا جديدا لمدونة الأسرة، وهو القانون الذي يحدد حقوق المرأة والأسرة في المغرب على حد سواء. ومن المتوقع أن يعزز هذا الإصلاح بشكل كبير المكانة القانونية للنساء والأطفال، لكن التحدي في تحقيق العدالة لا يزال كبيراً في البلاد.
تواجه العديد من النساء المغربيات حواجز ثقافية واقتصادية واجتماعية وتعليمية تعيق إتمام العمليات الإدارية وفهم حقوقهن ومسؤولياتهن كمواطنات ومشاركات في العملية القانونية وهناك حاجة ماسة لمساعدة هؤلاء النساء الآن.
وقد استجابت مؤسسة الأطلس الكبير لطلبات النساء المحليات من خلال تقديم دعم قانوني ميسر وصالح عبر شراكة جديدة بين القطاعين العام والخاص مع جامعة محمد الأول بوجدة، التي انطلقت هذا العام.
تدير المؤسسة عيادة قانونية مخصصة للنساء وتوفر فرصة لتطوير مهارات الممارسين القانونيين الناشئين.
تلقت هذه العيادة القانونية دعماً من الصندوق الوطني للديمقراطية بعد نجاح العيادتين القانونيتين لمؤسسة الأطلس الكبير في كل من فاس ومراكش. وقد كانت لدى جامعة محمد الأول بوجدة عيادة قانونية سابقة، مما أتاح فرصة لمؤسسة الأطلس الكبير لتنفيذ المبادرة ولضمان الوصول إلى الجماعات الضعيفة والمحرومة، ستعقد المؤسسة شراكة مع منظمات المجتمع المدني المحلية لتقديم العيادة القانونية في الأقاليم الثمانية بوجدة، إضافة إلى تشغيل عيادات متنقلة تصل إلى الأماكن التي تحتاج إلى الدعم
كل سيدة تعمل في العيادات القانونية التابعة لمؤسسة الأطلس الكبير في المغرب قد تلقت تدريباً متخصصاً للاستجابة لمتطلبات واحتياجات الفئات المحلية والمحرومة. في عام 2019، بالتعاون مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله في قلب فاس، انطلقت أول عيادة قانونية للمؤسسة بدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية و مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق الأوسطية.
ولا تزال هذه العيادة قائمة حتى اليوم، حيث قامت بتدريب مئات الطلاب وقدمت نصائح قانونية قيمة وفي الوقت المناسب لأكثر من 300 شخص كانوا بحاجة ماسة إلى المساعدة. بالإضافة إلى ذلك، نسجت العيادة شراكات استراتيجية مع الجامعات ومنظمات المجتمع المدني ووكالات التوظيف، مما أسهم في إنشاء نظام بيئي حيوي قائم على التعاون المجتمعي.
وفي مراكش، تم تأسيس العيادة القانونية الثانية لمؤسسة الأطلس الكبير من خلال شراكة بين القطاعين العام والخاص مع جامعة القاضي عياض، وبتمويل من الصندوق الوطني للديمقراطية. توسعت عيادة مراكش لتشمل معالجة قضايا ملحة مثل الهجرة، والوساطة الأسرية، والاتجار بالبشر، مما عزز من دورها في تقديم الدعم القانوني الشامل والمتنوع.
ومن خلال مقاربات مبتكرة مثل العيادات المتنقلة والاستشارات عبر الإنترنت، تمكنت عيادة مراكش من تقديم الدعم لأكثر من 300 فرد لم يكن بمقدورهم البحث عن المساعدة في موقع مركزي. بالإضافة إلى ذلك، نظمت العيادة القانونية لمراكش دورات تدريبية مؤثرة ركزت على تمكين النساء، مما ساهم في النمو الشخصي والمهني لأكثر من 160 امرأة و25 رجلاً. وشملت الدورات التدريبية والرحلات الميدانية 67 طالباً جامعياً و45 جمعية.
«كمستفيد من التدريب وبرنامج المصاحبة، أنا ممتن إلى الأبد على الأثر الذي كان لها على نمو المهني»، هكذا عبر أحد المشاركين في العيادة القانونية لمؤسسة الأطلس الكبير بفاس. «المعرفة والمهارات التي اكتسبتها من خلال البرنامج كانت مفيدة جداً لنجاحي، والإرشاد والموارد المتاحة كانت لا تقدر بثمن. أوصي بهذا البرنامج بشدة لأي شخص يسعى لتعزيز نموه المهني».
تقدم مؤسسة الأطلس الكبير بنشاط المساعدة القانونية للجماعات، حيث أن ذلك جزء جوهري من مقاربتها التنموية التشاركية. وتتمتع المؤسسة بحضور متنوع في وجدة، بما في ذلك “برنامج من مُزارع إلى مُزارع”، الممول من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
، و”نحو نمو فعال في المنطقة الشرقية: تقوية الشباب والنساء من خلال البرنامج التعاوني” الذي تموله مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق الأوسطية.
وفي مناطق أخرى من المغرب، تعزز مؤسسة الأطلس الكبير قدرات الجماعات المحلية لتكون في طليعة النمو المجتمعي، وتمكين النساء، وتعزيز التنوع الديني، والتخفيف من آثار تغير المناخ، وإدارة الموارد المائية. وباعتبار أن نمو الجماعة وازدهارها منفعة عامة يمكن تصورها، وتقييمها وامتلاكها بشكل جماعي، تسهل مؤسسة الأطلس الكبير المحادثات التي تتطور نحو أساس الثقة في المشاريع التي تقودها الجماعة وتشرف على تصميمها ونجاحها.
يمتد تأثير العيادة القانونية لمؤسسة الأطلس الكبير إلى ما هو أبعد من مجرد الأرقام، ليعكس قصص التمكين والصمود والتغيير الاجتماعي. بتزويد الطلاب بمهارات قانونية عملية، وتعزيز الشراكات مع الجهات المحلية، ومعالجة الاحتياجات المتنوعة للمجتمعات، تمثل العيادات القانونية لمؤسسة الأطلس الكبير مقاربة شاملة لنمو المجتمع.
ومع استمرار هذه المبادرات في التطور والتوسع، أصبحت بمثابة منارات للأمل والنمو، مجسدةً روح التعاون والمسؤولية الاجتماعية في رحلة المغرب نحو مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً. تجسد هذه العيادات الروح الحقيقية للتعاون والمسؤولية المجتمعية، مما يجعلها قوة دافعة نحو مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً.