محسن الأكرمين يكتب عن : حركة أكتوبر التصحيحية بمجلس جماعة مكناس هل هي قرارات سياسية حزبية مؤسساتية أم خلافات شخصية فقط ؟

 

لم تعد مكناس في انتظار إشارة تفعيل الحكامة والتغيير ضمن دواليب مجلس الجماعة، بل هنالك نهضة وعي بأن التسيير والتدبير بات من الرداءة ممَّا كان عليه سابقا. حركة أكتوبر التصحيحية كما صرح لنا عضو بمجلس الجماعة الموقرة:” هي حركة تغيير أولا، وثانيا تسويق للحكامة الداخلية والمساءلة، أما فيما يهم البعد الثالث فيتمثل في تطبيق لمضامين القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات (113/14)، وأخيرا القطع مع التدبير الانفرادي اللاتواصلي الذي ينهجه الرئيس”.

غير ما مرة نبها عن ضعف الأداء والأثر التنموي بالمدينة، وقلنا لولا نباهة السلطات الترابية ومؤسسة العامل لتوقفت كل المشاريع المدرجة بالعمالة. نبهنا أن الملاسنات والخطابات المفوهة في الدورات لا تغني المدينة من جوع ضعف صبيب التنمية والعمل الجاد. غير ما مرة أشرنا أن مجلسنا الموقر يكثر من الكلام والسفسطة والمعارضة (القديمة) التي تكثر من اللغو البوليميكي المفرط.

اليوم نرى أن (حركة أكتوبر التصحيحية) هي كذلك لا تحمل رؤية سديدة للتغيير المستقبلي، وصناعة البعد الاستراتيجي. لا تحمل حتى توزيع الأدوار والمهام، والتأسيس لمشروع عملي للإنقاذ والتغيير والتصحيح. حركة جاءت نتيجة مخاض عسير من الإكراهات الشخصية فقط لا السياسية الحزبية (غير قرار حزب الاتحاد الاشتراكي المسبق بالانسحاب من مكون الأغلبية). جاءت نتيجة عمليات التهميش الجلي، وسحب الأدوار التشاركية نحو أحادية التدبير التمثيلي. حركة تولدت لزاما ضد فكرة (استبداد) الرئيس الاستراتيجي (الديمقراطية التمثيلية) الذي” له الحق التدخل متى شاء، وحيثما ما رأى أن الآخرين من أعضاء المجلس لم يقوموا بشيء… وآخر قرار: الإعلان بإيداع مشروع تصميم تهيئة المدينة العتيقة ومناطق الارتفاق”.

اليوم مكناس لا تريد القراءة التجزيئية للقانون التنظيمي المتعلق بالجماعات (113/14)، بل القراءة الإيجابية لمكونات فصوله العامة والكلية. اليوم يُنظر إلى هذا القانون التنظيمي كبنية متكاملة تستطيع من خلالها مكونات (حركة أكتوبر التصحيحية) من إقالة الرئيس بشكل ديمقراطي وبلا كولسة موجبة للتنافي وفساد الأخلاق السياسية واللاسياسية بطبيعة مكونات (شتات) مجلس جماعة مكناس!!

حقيقة تمثل الشاهد التاريخي، أن مجالس جماعة مكناس لا تضمن التراكم النوعي، بل فقط التراكم الكمي/ العددي. فكم من أداء مجلس يكون أقل أثر من المجلس السابق أو اللاحق !! فحتى إذا ما تم تغييب حكم القيمة المبدئي منهجيا، فإننا اليوم نتواجد أمام أسوء تدبير في تاريخ مجالس مكناس الماضية منذ الاستقلال، واعتماد التدبير الجماعي للشأن المحلي !!

من الحقيقة المفزعة، أن مكونات (الشتات ) بمجلس جماعة مكناس غير ذات المرجعية الحزبية القوية والوطنية، حين تم انتخابها فقد كانت تلبس ألوان أحزاب سياسية معينة، لكن اليوم نرى صراع (الديكة) على المناصب والتفويضات والتموضعات. نرى أن المشكلة السياسية تم شخصنتها (مشاكل شخصية بينية) بالبراغماتية النفعية. نرى أن الأحزاب السياسية التي تنحوا منحى الإطاحة بالرئيس (الإقالة في المفهوم القانوني) لم تستطع البتة التعبير عن رأيها وفق التنظيم السياسي والحزبي الذي دخلت به بوابة مجلس جماعة مكناس. نرى نُتفا من القول وبيانات (الهضاضرية) الكبار بلا سُومة تقريرية نهائية. نرى أن فئة من ذوي (الأعراف) تنتظر الساعة لكي (تصنع الحدث الفجائي) بالمباركة أولا، ثم بالتولية والبقاء على نفس الكرسي والمهام والتفويض.

اليوم، المدينة تنتظر الشفافية من (حركة أكتوبر التصحيحية) لما؟ وما الهدف؟ وما هي المآلات المستقبلية لمجلس جماعة مكناس؟ وهل هذه الحركة تكريس للفوضى الخلاقة المنتجة للاستدامة والبقاء؟ تنتظر المدينة، بيانات حزبية مؤسساتية، وليس آراء أعضاء (لا موقع لهم في الخريطة الحزبية والسياسية) الآن. اليوم المدينة، تنتظر أولا الحكامة في بابها الموسع (فما لزيد هو لزيد، وما لعمرو فهو من قانون التنظيم الجماعي والدستوري). اليوم المدينة، تريد استعادة الثقة في المكون السياسي الحزبي أولا لا الأشخاص بعينهم. اليوم المدينة، في انتظارية تحكيم القانون واستبعاد كل فساد سياسي يكرس وضعية (حليمة) الباقية بمجلس جماعة مكناس إلى الأبد.

مقالات مشابهة