من المفارقات العجيبة أن جميع المداخلات قد نالت من مشروع برنامج عمل جماعة مكناس (2022/2027) بالنقد والتصغير. من المفارقات التي وقفنا عليها حصص (التبوريدة) على مسودة المشروع بلغت حد الهجاء والتبخيس والرثاء. فيما تم وصف مشروع برنامج عمل جماعة مكناس بالبئيس والهجين !! ولكن، لا نعلم سبب عرض المسودة الأولى غير المنقحة من طرف اللجان الدائمة، و لما لم يتم عرض المشروع المصحح والمنقح للمناقشة؟ هل هي نية مبيتة تجاه مكتب الدراسة؟ أم هي نية من النائب (الحرايفي) بالمكتب (لتزليق)المناقشات، وتعويم الجلسة في جدال بيزنطي؟
من المفارقات العجيبة أن جميع المداخلات لم تكن على إلمام تام بما يحتويه مشروع برنامج عمل مكناس من محاور ورافعات صغرى وكبرى. وما يضمه من ثقوب تجويفية متخفية في موجهات السفسطة البنائية والصور التمويهية، بل كانت جل المداخلات تُدلي بدلوها بنقاشات التعميم، من خلال انتقادات عامة وبلا دقة، وأحيانا ترتقي لصفة المطالب، ومرات عديدة لا تحمل حتى أسس النقد التقني الوجيه (التحليل والتركيب والاقتراحات).
من المفارقات العجيبة، والتي يجب أن يتم الانتباه إليها من الرئيس كمسؤول أول عن البرنامج، عرض تصويبات اللجان الدائمة (نقطة نقطة) للمناقشة والمصادقة عليها، أو عرضها (جملة وتفصيلا) بشموليتها ليتم تضمينها قانونيا ضمن البرنامج في نسخته الثانية (للمناقشة)، وكذا تطعيم مشروع برنامج العمل بكل الاقتراحات الوجيهة، ليصبح نسخة نهائية، تعرض (للمصادقة) النهائية. هي المنهجية القانونية والديمقراطية، والتي من خلالها يُمكن أن يكتسب المشروع صفة البرنامج النهائي (التشاركي لا التشاوري)، فجميع ملاحظات اللجان الدائمة، وقد تتبعتها (نقطة نقطة) كانت جديرة بالاهتمام، وذات ذكاء تقني واستراتيجي، وتم الاشتغال عليه بجدية (صفحة صفحة)، وقد فاق عمل اللجان (التقنية) الدائمة تصورات مُسْودة مكتب الدراسة (البئيسة) كما تم توصيفها من قبل بعض المداخلات !!
المشكلة ليس في ديباجة برنامج عمل الجماعة، ولكن عُمْقُ الإشكالية تكمن ضمن خانة الابتكار والإبداع الذي غاب عن مشروع برنامج عمل الجماعة. تكمن المشكلات في أن البرنامج لم يفكر بالمقاربة التشاركية (عرض ممثل مكتب الدراسة)، بل فكر بالتشاور وتمرير المراحل وفق المساطر القانونية، دون عناء توصيف المشاورات (التردد) وترتيب الأولويات وموجهات التدخلات الأساس (مرحلة الانطلاقة)، تكمن في غياب الالتقائية مع الجهوي والوطني، تكمن في تكهنات غالبيتها غير عقلانية ولا تحمل مؤشرات التنفيذ والإنجاز.
من المفارقات العجيبة أن برنامج عمل جماعة مكناس يجب أن يحمل تصويتا بالإجماع حتما، بعيدا عن ممارسة آفة السياسة الفاتنة (الموافقون/ المعارضون/ غير المصوتين). نعم، هو برنامج مدينة، وليس ببرنامج الرئيس جواد بحاجي، فالرئيس ترك الحرية للجميع في تزويد المكتب بالملاحظات الوجيهة (وحبذا لو كانت تلك الاقتراحات كتابية لتدرس من طرف اللجان الدائمة). الرئيس تقبل بصدر رحب (رغم بعض الاحتكاكات السياسية) كل الانتقادات على أساس النظر في جودة الاقتراحات، أو اعتمادها كملحقات بالبرنامج.
من الأكيد أنه برنامج عمل سيحكم توجهات مدينة بحدود سنة (2027)، لذا فالتاريخ سيحاسب الجميع كل من موقعه. اليوم هو معروض للمناقشة والتضمين، وهنا تنجلي نباهة السادة المستشارين والسيدات المستشارات، في نقل الحوار من السياسي (مع/ضد) إلى موضع الحوار التقني البنائي، مع ضرورة قراءة وتفكيك (المشروع المعدل من قبل اللجان الدائمة) بالفهم والاستيعاب والإبداع.
فالخطأ المنهجي حين تم عرض برنامج عمل الجماعة للتصويت (21 مع/03 ضد) في نسخة لم تخضع للتعديل والتنقيح المقترح من اللجان الدائمة، لذا على رئاسة المجلس في الدورة الثانية (الخميس) عرض النسخة المعدلة والنهائية (بلا فهمات من نائبه !!)، حتى لا يتم خلق الارتباك على أي نسخة سيتم اعتماد في عمليات التصويت.
متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين