ألقت جائحة كورونا بظلالها على احتفالات عيد الفصح للعام الثاني على التوالي، وسط تدابير مشددة لمواجهة الموجة الثالثة للجائحة. ودعا بابا الفاتيكان في عيد الفصح إلى تقاسم اللقاحات مع الدول الأكثر فقراً ووضع حد للتسلح.
وصف البابا فرنسيس في رسالة عيد الفصح صباح الأحد (الرابع من نيسان/أبريل 2021) مواصلة النزاعات وسباقات التسلّح في خضم جائحة كورونا بأنها “مخزية”. وقال البابا فرنسيس في عظته في كاتدرائية القديس بطرس قبل صلاة “بركة مدينة روما والعالم” إن “الجائحة لا تزال مستمرة، الأزمة الاجتماعية والاقتصادية ثقيلة جداً، خصوصاً على الأكثر فقراً، وعلى الرغم من ذلك، وهذا مخز، النزاعات المسلّحة لم تتوقّف الترسانات العسكرية تتعزز”.
ودعا البابا دول العالم إلى مشاركة اللقاح مع الدول الأكثر فقراً، ووضع حد لـ”قرقعة السلاح” في سوريا واليمن وليبيا: “عسى أن يضع المسيح، سلامنا، حدا لقرقعة السلاح في سوريا الحبيبة التي دمّرتها الحرب، حيث يعيش الملايين في ظروف غير إنسانية، في اليمن حيث تُقابَل الأوضاع بصمت مدو ومخز، وفي ليبيا حيث أخيرا باتت هناك بارقة أمل…”.
وقبل قداس الفصح وجّه البابا فرنسيس رسالة أمل وتجدد، وقال في قداس السبت وفق ما أورده موقع الفاتيكان بالعربية: “من الممكن أن نبدأ من جديد دائماً، لأنّ الله قادر، بعد كلّ إخفاقاتنا، أن يبعث فينا دائماً حياة جديدة. حتى بين الأنقاض في قلوبنا، وكلٌ منا يعرف أنقاض قلبه، حتى بين الأنقاض في قلوبنا، يستطيع الله أن يصنع شيئاً عجيباً، وهو، من حطام إنسانيتنا المدمرة، يُعِدُّ الله تاريخاً جديداً”.
الفصح في زمن كورونا
واحتفل ملايين المسيحيين بعيد الفصح للمرة الثانية في ظل تدابير احتواء فيروس كورونا، في حين تسعى الدول إلى السيطرة على موجة جديدة من كوفيد-19. فعلى الرغم من تسارع حملات التلقيح في بلدان كثيرة، أجبر التزايد الكبير في أعداد الإصابات دولاً عدة من كندا إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية على إعادة فرض قيود لا تلقى تأييداً شعبياً.
في بلجيكا، دخلت قيود مشدّدة حيّز التنفيذ، وكذلك في فرنسا حيث تسابق السلطات الوقت لاحتواء طفرة في الإصابات وضعت مستشفيات باريس تحت وطأة ضغوط كبيرة.
على الضفة المقابلة للأطلسي، تخطّت كندا، التي تشهد موجة تفشّ جديدة استدعت تشديد القيود في عدد من المقاطعات قبيل عيد الفصح، عتبة مليون إصابة بكوفيد-19. كذلك خفتت رهجة الاحتفالات في أمريكا اللاتينية حيث تشهد البرازيل تفشياً واسع النطاق يرجّح أن يكون سببه نسخة فيروسية متحوّرة أسرع تفشياً.
إغلاق ومظاهرات
ودفع سوء الأوضاع البيرو إلى فرض إغلاق خلال العيد، وبوليفيا إلى إغلاق حدودها مع البرازيل، وتشيلي إلى إغلاق كل الحدود. وأوقعت جائحة كوفيد-19 أكثر من 2,8 مليون وفاة حول العالم، وباتت القيود المفروضة على التنقل تثير إحباطاً متزايداً.
في ألمانيا، احتجّ الآلاف السبت في شتوتغارت على قيود احتواء فيروس كورونا، وسط جدال محموم حول تشديد التدابير في البلاد التي تشهد موجة تفش ثالثة. وباتت التظاهرات ضد تدابير احتواء الفيروس من المظاهر الاعتيادية في ألمانيا، وأحداثاً تحشد أعضاء في اليسار المتطرف ومؤمنين بنظريات مؤامرة ومناهضين للتلقيح ومناصرين لليمين المتطرف.
وتشكّل المعلومات المضلّلة حول اللقاحات مشكلة كبرى تواجهها حملات التصدي للفيروس، وقد فاقمها الانتشار السريع على وسائل التواصل الاجتماعي لنظريات مؤامرة لا أساس لها.
وتشكل صربيا مثالاً على هذا الأمر، إذ تسعى الحكومة جاهدة لإقناع السكان بتلقي اللقاح المتوفر منه نحو مليون جرعة تتراوح بين فايزر وأسترازينيكا وسبوتنيك-في وسينوفارم.
ومؤخراً ناشد الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش مواطنيه بقوله: “أتوسّل إليكم، تلقوا اللقاح. لدينا لقاحات متوفرة، وستتوفر لقاحات إضافية، أتوسل إليكم بحق الله، تلقوا اللقاح”.
بطء حملات التلقيح
وقال عالم الفيروسات الصربي بريدراغ كون إن بطء وتيرة التلقيح هو بسبب حملة التضليل الإعلامي عبر الإنترنت. أما في مملكة بوتان في هيميلايا، تتسارع وتيرة التلقيح إذ تلق نحو 60 بالمئة من السكان الذين يناهز عددهم المليون، جرعة أولى على الأقل.
في الهند التي تواجه طفرة جديدة في أعداد المصابين، توسّع السلطات الخميس نطاق حملة التلقيح لتشمل الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 عاماً. وتسعى البلاد إلى تلقيح 300 مليون شخص بحلول نهاية تموز/يوليو. ويحذّر خبراء أن الإصابات تزداد بوتيرة أسرع من العام الماضي.
والأحد انضم الممثل أكشاي كومار لقافلة مشاهير الهند الذين أصيبوا بكوفيد-19، بعدما أصيب الشهر الماضي نجم الكريكيت ساتشين تندولكار.
وفي بنغلادش، تفرض السلطات اعتباراً من الإثنين إغلاقاً لاحتواء تزايد أعداد المصابين، وسط تقارير عن معاناة المستشفيات في استقبال الأعداد الكبيرة من المرضى.
م.ع.ح/خ.س (أ ف ب، د ب أ)