آخر الأخبار
مكناس.. لقاء لتعزيز التعاون بين الجماعة والقطاع العقاري لدفع عجلة التنمية خسارة الكوديم بنتيجة (3/0) ضد القرش المسفيوي ليست بنهاية البطولة !!! مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والإجتماعي والرياضي تحتفي بالدكتور إسماعيل الجباري الكرفطي السيد عبداللطيف النحلي عامل إقليم الخميسات يعقد لقاءا تواصليا مع اعضاء المجلس الجماعي لايت يدين قرار من بنما يقضي بتعليق علاقاتها الدبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية الوهمية المحكمة الابتدائية بالعرائش تحتفي بالقضاة والموظفين اطر هيئة كتابة الضبط المنتقلين في حفل تكريم بهيج مطار مراكش يستقبل طائرة ناشيونال جيوغرافيك: تجربة سياحية فاخرة تتجاوز الحدود À l’OTAN, une cérémonie pour marquer le 1 000e jour de la guerre que la Russie mène contre l’Ukraine زيارة تاريخية: ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء أيقونة الملاعب والتدريب حمادي حميدوش في خروج اعلامي بعد الوعكة الصحية التي ألمت به.... والحمد لله عل...

زلزال ليلة يوم عيد الأضحى بحي الزيتون.

[بلادي نيوز]9 أبريل 2022
زلزال ليلة يوم عيد الأضحى بحي الزيتون.


محسن الأكرمين.

نفي العادات الرتيبة، وتحسين أداء المتوارث الاجتماعي بالغربلة والتشذيب، تلك هي المحطات الأساسية لتجنب الاستلاب الماكر للذاكرة وللتاريخ. فالبحث عن تجنب حرب الكلام على مخلفات الماضي القصي منه والداني، هو بحث قد يكون مُضن، من حيث البحث عن المعلومة، ثم القيام بعمليات التوافق والتدقيق والنقد. فلن يكون توليد إنارة العقول بمصباح سحري لعلاء الدين!!! بل بصدمة معول ناسف تهوي فيها الخرافة، والشعوذة، والتفاهة نحو الأرض السفلية.
فحين اجتمعنا عشية جمعة عند العمة كنزة (رحمها الله)، كنا ننتظر حصتنا من الحكاية، وقد بتنا نتحين وقتها مثل شهريار مع حكايات شهرزاد. كنا ننتظر التشويق، ولما حتى مخلوطا بتوابل حارة من الفزع والتخويف. فبعد تلك العبارات التي اعتبرناها في الكبر من مطالع الوقوف عند أثر الأطلال. تبدأ العمة (رحمها الله) السرد القديم، وهي تحمل بحة زكام، زاد من شدة تليين الصوت، وعلوه عندها. ويبدو من تحرك مقلتي عينيها شعلة نار ملتهبة للأحداث القادمة !!!
تتحرك العمة (رحمها الله) قياما ونحن نتقلب بعيوننا ذات اليمين وذات الشمال. تقول: والعهدة لمن رأى تلك مشاهد بالعين حضورا، أن حي الزيتون احتضن جنا ماردا من بقايا جنود سيدنا سليمان عليه السلام، بعد نفيه من سبأ الشرقية، نحو غرب الأرض، بسبب جرم العصيان. جني خفي، كان كل من بالحي يطلق عليه اسم (ازعريط)،لأنه لا يستقر على حال، ولا يتوقف في موضع مكان، ولا يحمل ألوان الطيف السبعة. كان قد سقط أرضا بحي الزيتون القديم، كما تتهاوى النجوم من السماء شهبا راجمة لشياطين استراق السمع. حينها قد أحدث زلزالا خفيفا، أحست به الساكنة في ليلة أول يوم من عيد أضحى. حتى أن الساكنة خرجوا فرارا من منازلهم، وشرعوا في قراءة اللطيف حتى فجر ذاك اليوم.
كانت شعلة النار التي سقطت من السماء قد ألهب عقول الخرافة بأريحية استمرار الترويج عن مفزعات نهاية العالم!!! هنا ابتسمت العمة (رحمها الله) بإحاطة ثانية عن يوم سقطة الجن (ازعريط). وقالت: فقد تناقل الألسن الخبر، وتم صناعة تأويلاته تتوزع بالترهيب والغضب السماوي. فمن بين ما يحكى في تلك الليلة أن الأرض كان يحملها ثور ضخم أسود على قرن واحد، وحين يتعب ذاك القرن يحول الثور تحملها إلى القرن الثاني، وهو ما يحدث الزلازل المدوية!!! ونحن صغار السن، تصورنا شكل الثور الضخم الأسود، والذي لا يوازي حتما ضخامة ثيران المنشطات الحيوية المعروضة بالملتقى الدولي للفلاحة بمكناس!!! تصورنا أن الثور أكبر حجم، ويمثل حيزا ثنائي الأبعاد من الكرة الأرضية، وهي فرضية فيزيائية لقياس الحامل والمحمول في كثل الثقل الثلاثي الأبعاد للأرض. تصورنا أن العالم حتما معرض للفناء بإعياء الثور، وشيخوخته!!! هنا بدا الخوف علينا من حيوان يمكن أن يطوح بالعالم نهاية !!!
كان استدراك العمة (رحمها الله) أنيقا وعادلا، فذكرتنا بما يحمله الدين من علامات الساعة. ذكرتنا أن الزلزال ما هي إلا حركات أرضية باطنية. حينها وقفنا على أن الثور الأسود ليس بسيد العالم، ولا بمحدث الزلازل حتما. سألنا العمة وما سر الجني (ازعيريط)؟ سوت العمة (رحمها الله) جلستها للخلف، وحكت لنا عن تلك الأيام المفزعة التي لم يعد فيها للرجال قدرة الخروج إلى بلاد العويجة للسقي ليلا. لم تعد النسوة تريد ترك أطفالهم خارج البيت قبل مغيب الشمس. بدأ الإمام يجمع بين صلاة المغرب والعشاء بحكم الخوف على الأنفس!!! بات حي الزيتون يكسوه الخوف المرتعد، ولم يعد أثرياء المدينة العتيقة يقصدون منتزهاته الخضراء بحي الزيتون!!!
انتفضنا جميعا بسؤال موحد: وهل لازال الجن (ازعريط) حيا؟ تضحك العمة كنزة (رحمها الله) من شدة غبائنا وتمثلاتنا. تضحك وهي تشبه الجن (ازعريط) ببغلة المرحوم الطيب (مول الفران) التي كانت تلهو معنا، وهي تجري خلفنا لإخافتنا!!! هنا زاد خوفنا من أن يكون الجن (ازعريط) سكن بغلة مول الفران!!! وقد تلتهمنا يوما ما !!! لكن الأمان عاد نحو الحلقة المستديرة حول العمة (رحمها الله)، حين أسرت حقيقة سقوط الجن (ازعريط) فقد قالت: هو نيزك سماوي مشع مرَّ على سماء حي الزيتون بالموازاة حدث مع الزلال، و دوشة فرار (أبول الليل) وكلبه من صوت الشهاب الليلي، محدثين فزعا مدويا بالنباح والصياح!!!
سياق هيمنة قوى الخرافة في فترات من التاريخ القريب بحي الزيتون، والمدينة، وفي كل المغرب. كان من بين شبكات التحكم في العقول، وفي تنمية الخوف، والارتعاد من المواقف الجريئة. كان من بين موجهات السياسة بترك الشعوذة تمارس مرجعيتها التخلفية !!! كان بحق ثقافة للتفاهة والإلهاء، في خلق أعداء غير مرئيين من الجن والخوارق الكبيرة. كان ثقافة توازي مقاسات الحشو المفرط في السذاجة والغباء!!!
اليوم بتنا باحتشام نجانب الخرافة، ونصع (سين) التسويف السياسي من التغيير المريح، وتدريج الأحلام اللامنتهية!!! بتنا نعيش التنطع من الهيمنة التقليدية التحكمية، ونسقط في خرافة سياسة (تستاهلوا أحسن). بتنا نبحث عن الدهاء والذكاء في مقرراتنا المدرسية، وفي موجهات الدولة الكبرى، ولا نجد التغيير البتة !!! بتنا نعتبر الماضي من الويلات الاجتماعية الخرافية، ولم نقدر التأسيس لمنهج تاريخي يفكك البحث عن الأسباب والمسببات، بل بتنا ننتقد الأعراض الظاهرة، ونتمادى في خطابات تدمير ثقافة محلية متحركة، ولم نقدر على استغلالها حتى في التسويق السياحي للمدينة.
(حلقات رمضانية عن حي الزيتون).

الاخبار العاجلة