محسن الأكرمين.
كنت أحصي الزمن المغربي النقي بالوفاء للوطن فلم أحصل سنة 2021 إلا على قصة القرد زعطوط و اللبان المخادع. كنت أمني نفسي بحياة أفضل عند مطلع سنة 2022، لكني وجدت أن الأرقام تتشابه وتؤدي أدوارها بمتتالية (ادفع). حينها بقيت كل أحاجي التغيير والرخاء والتنمية مع الواد الواد ونحن جلوس مع أولاد الجواد. حين نظرت المرآة أيقنت حقيقة أن الزمن بمكناس لا يتغير إلا في رؤوسنا، و عندها يعلو الشيب و تتقلص أمنيات التغيير وتشيخ ثقافة رؤية مجهود النجاح القادم من مجهول الحلم..
حين يتحدث المنجمون عن برج حياتي (العقرب)، أبتسم في نفسي كثيرا، ففي كل يوم يصنعون لي قصة حب ووفاء، قصة خيانة تشع في صرح ممرد ببلورات زجاج فاضحة على مشارف مدينة بئيسة ، قصة أمل في نيل فيض غد فضي غير معوق. قصة تعب الحياة الممتدة (أنا عييت)و (بركا) كفى!!! اليوم بصرت ونجمت ليس بالكثير، فقررت التوجه إلى مجالسة (الشوافة) التقليدية لتفك لي خط الكف، ثم بعدها ممكن الالتفاف إلى (كوتش) ليدعم هيكل نفسيتي و مسار حياتي بمصطلحات النجاح والتغيير، والرقي بالذات نحو امتلاك محاسن الايجابيات. أعجبتني الفكرة كثيرا ولعبت في خاطري تحفيزا مدويا على المغامرة وكشف حجاب المستور عن حياتي.
سلكت أزقة حواري المدينة العتيقة، وصولا إلى فسحة الشيخ الكامل الأمامية، هناك لعبت دور التائه (التالف) الذي يبحث عن سراب وهم حل عقد حياته الدنيوية (المتشربكة) في (الصوطة) المسخوطة و(الكبال) مول النبال و (الرَي) الحاكم، و(التريس) الغذارة. رمت (الشوافة) بأوراق (الكارطة) صفوفا رباعية معتدلة العد ومتساوية الأطراف، بعدها تنهدت عمقا، فحسبتها تتأسف لحال تموضعي ضمن دوامة بداية حياة سنة 2022 ، لكنها حين وجدت ( الصوطة) مولات الذهب، بعيدة عن (الكبال) مول الذهب، ابتسمت قليلا و حملت (اللاص) مول الطبيقة في يدها وصارحتني، أن رزقا آتي ليصلح العتبة الراسبة بالمدينة، ويفيَض خميرة الدار الفطيرة منذ الزمن البعيد، و قد يسكن الجميع في جنان جنة خلد مع فرح آتية
حينها سألتها، أشريفة كيف يحدث هذا ؟ انتصب لسانها مجيبا (الكارطة) قالتها والجواد (جنونك) ديالك مشدودين ، وطالبين (التسليم). أدخل أولدي إلى قبة الشيخ دير زيارة التامة، وشعل الضوء و خلي الحلاوة، واشرب من البئر الوسطاني، ورش جنبك الأيمن سبع مرات، واتكل على الله ومول النية رغباته مقضية.
حينها علمت أن الحصة (الشوفان) انتهت ، وما علي إلا أن أمدها بحصة لعب الكارطة وحركة (الصوطة ) و(الكبال) و(الري )، خمسون درهما (مغرب اليوم) مقابل أتعاب تفكيك شفرات بيان التغيير برش الماء على المدينة يمينا ويسارا.
عرجت تباعا على المدينة الجديدة (حمرية)، وولجت مركزا للكوتشينغ. صورة مركز حديثة بالأناقة والعطر الأنثوي، ومكتب تسكنه شابة تفيض ابتسامة وبزيادة، ويزيد كلامها كما هائلا من مصطلحات كن إيجابي…ابتسم… ستصل… ستنجح… (أودي الله يهديك، هي توفر لي الدولة الشغل والصحة والتعليم والسكن … ونكونوا مواطنين صالحين و إيجابيين). بعد فقه المعرفة الرسمي، عملت على اختبار رغبتي في التغيير وحاجتي للمساندة ، والدعم من الكلام المليح المنمق بالخروج من منطقة الراحة السلبية. أمدتني أخيرا بورقة وقلم لأدون سبب زيارتي، لكني اختصرت عنها المسافة وقلت لها، باغي رؤية جديدة في 2022، ابتسمت قليلا ولم تعقب عن كلامي قولا.
حين دخلت إلى السيدة الكوتش بحجاب عصري يبدي خصلات من شعرها الأشهب، علمت أنها كانت تنظر لحوارنا عبر شاشة مرتبط بكاميرة خارجية. جلست بالقرب الموضعي من مكتبها. وبعد أن قرأت قصدي في (السما) هذا (باغي كشف الحجاب؟؟؟). كانت تلتقط من عيوني رؤية حزن دفين مستورد لتلك اللحظة بالذات. ومن قعودي الجانبي المائل تهت تيها عميقا بعيدا عن المواجهة (وجها لوجه)، ومن سلوكي الظاهري المترهل، وربطة جبيني المقطبة بضنك العيش. كانت السيدة الكوتش تتأمل كل هذا وذاك، وهي لا تدون شيئا في ورقتها البيضاء .
حللت السيدة الكوتش وضعتي بالتشريح الممل، والتي هي بصدق تتقن الكلام المزوق وتبيعه مثل (شوافة) ساحة الشيخ الكامل، وبثمن (لاصق). حينها أيقنت قولا سديدا، أنني أحمل هما سميكا بدواخلي، يوازي هم مدينة ووطن، صارحتني بأني أصدق النية، و أميل إلى الوفاء، علمت من لمَة يدي إلى جسمي أني لا أملك من زمني إلا نفسا في صدري يتصعد علوا و أنفة ابن مدينة منسية.
حين أقحمتني في حديث مطول عن حياتي وآمالي الموضعية بالزمان والمكان، ورغباتي المستقبلية، وعلاقاتي الاجتماعية الباقية بمدينتي … لم أراوغها في الكلام بالمجاملة، فقررت السيدة الكوتش تغيير موضع كرسيها العالي، وهي تتحسر من المستقبل المجهول المشدود بالمعيقات التراتبية وسألني، ماذا نريد من سنة 2022 ؟ أين آمالنا جميعا ؟، أين هو التغيير المنشود عند حلول كل سنة ؟أين هي مدينة شويخ من أرض مكناس؟
حينها قررت إنهاء الحصة (كوتشينغ التنجيم) ووعدتها بإتمام الحديث في موعد محدد في الزمن المكناسي ، دون ختمه بذكر توافد سنة جديدة أخرى. هو الزمن بمكناس غير المضبوط على ساعة ترقي التغيير، هو زمن صناعة الأمل ودغدغة المشاعر إلى حين، وبالتسويف الممل، هو زمن استهلاك عمر ساكنة، وتغيير الخطابات المتحكمة بنفس العملة .
محسن الأكرمين.
(كل الأحداث تصورات).