عادل بن الحبيب
هم سلالة من البشر احترفوا”الكلام”، كلام يفقد مفعوله حتى قبل أن يصل إلى أذن سامعه.كلام مفرغ من معناه،”كلام ساكت”على حد قول الكاتب “إبراهيم عيسى”.
هم سلالة من البشر احترفوا”الكذب” و الكذب حبله قصير و نهايته اقصر.
هم سلالة من البشر احترفوا”النفاق” و المنافق في الدرك الأسفل من النار
أتحدث عن “الحربائيين “نسبة إلى الحرباء الحيوان الشهير بقدرته على التلون والتخفي والتنكر للهجوم على فريسته واقتناصها في غفلة منها..و إذا كان الحرباء حيوان إنطوائي وأليف..فالحربائيون من البشر إجتماعييون وشرسون..الحربائيون من البشر لديهم قدرة فائقة على تكوين وبناء شبكات إجتماعية واسعة للتغلغل في المجتمع..بل وقد يصبحون من نجومه! الحربائيون من البشر شرسون ..فقط أمام الأضعف..ولكنهم وديعون و أليفون أمام الأقوى و الأكثر نفوذا.
الحربائيون من البشر لديهم قدرة مثيرة للدهشة على التلون والتحول. والغريب أنهم يمارسون هذه الموهبة باحتراف! والعجيب أنه في عصر الإنترنت واليوتيوب والفيس بوك ووفقا لقواعد المنطق كان من المفترض أن تنقرض هذه السلالة من البشر..لكنهم وللأسف في حالة تكاثر وتوالد دائمين..فبالرغم من أرشيفهم المسجل صوت وصورة والمنتشر على كل المواقع إلا أنهم قادرون وبكل قوة على الإستمرار..يطبقون حرفيا مقولة “جوبلز” الشهيرة:”اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس..وحتى تصدق نفسك!”
الحربائيون يحترفون “التبرير”..فيبررون مواقفهم السابقة والحالية وحتى مواقفهم اللاحقة..يطبلون ويزمرون ويهللون للتمهيد لها ليقدمونها لنا “لابتلاعها”.
الحربائيون من البشر “متغطرسون” “متعجرفون” يفكرون وكأنهم امتلكوا الحقيقة الكاملة..لا يأبهون للرأي الآخر فلا آخر من وجهة نظرهم..هم و من بعدهم الطوفان..يتميزون بأنانية مفرطة.. مصالحهم الشخصية هي شغلهم الشاغل الذي يعيشون ويموتون من أجله..كل الأشخاص و المواقف ما هي إلا درجة جديدة من درجات السلم الذي يتسلقونه إلى هدفهم الأسمى..نعم..الحربائيون من البشر متسلقون..تسلقوا على ظهور الشرفاء ليصلوا إلى مآربهم..
الحربائيون من البشر يصرخون ويهرولون..يتشدقون
ويستأسدون..يمنحون ويمنعون..وفي النهاية..هم زائلون و إلى مزبلة التاريخ سائرون..
قد يدفع الإنسان ثمن مواقفه في الحياة ، ويخسر بسببها في لحظات معينة ، ولكنك أنت الرابح ،وفي المستقبل ستنصفك الايام ، وتربح بياض روحك وصدق مواقفك، وحقيقة نفسك وتربيتك وأصالتك … ومن قال أن الحقيقة مطلقة بل هي نسبية ، وكل يراها وفق نظرته، وكما يقول الفيلسوف الالماني فريدريك نيتشه “أحيانًا لا يرغب الناس في سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون أن تتحطم أوهامهم”.. الحربائيون كثر ، والمنافقون كثر ، وبائعي المواقف والابتسامات الصفراء كثر ، لكن الأذكياء والشرفاء والأوفياء .. أيضاً كثر …والحياة موقف وقناعة .. وجودنا مجرد لحظات عابرة ، وموتنا هو النوم الابدي .. وأنا أحب دوماُ أن أنام مرتاح البال و قرير العين.