تشكل التربة أساس الحياة على كوكب الأرض، لكن تدهورها بفعل التصحر والجفاف بات يشكل تحدياً بيئياً وإنسانياً عالمياً. وفي هذا السياق، انطلقت يوم الإثنين 9 دجنبر في العاصمة السعودية الرياض أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب16)، والذي يهدف إلى تعزيز التعاون الدولي لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة والحد من آثار الجفاف.
يشارك المغرب في هذا الحدث البيئي الهام بوفد رفيع المستوى يرأسه المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات. وتأتي هذه المشاركة في إطار رؤية جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الساعية إلى مواجهة التحديات البيئية من خلال استراتيجيات مبتكرة أبرزها استراتيجية الجيل الأخضر و “غابات المغرب 2020-2030” التي تهدف إلى حماية الموارد الطبيعية وتعزيز التكيف مع تغير المناخ في المناطق الضعيفة.
في مداخلته خلال المؤتمر، أكد الدكتور رشيد مصدق، الباحث المتميز في المعهد الوطني للبحث الزراعي و المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، أن التصحر والجفاف يمثلان خطراً حقيقياً على جودة التربة واستدامة النظم الزراعية والغاوبية والرعوية، خاصة في المناطق القاحلة . وأوضح أن الضغوط الناجمة عن الإفراط في استغلال الأراضي وتغير المناخ وندرة المياه تؤدي إلى فقدان التربة لخصوبتها، ما يهدد الأمن الغذائي وسبل العيش للمجتمعات القروية .
واستعرض الدكتور مصدق في هذا المؤتمر مبادرات المغرب الرائدة التي تدخل في إطار استراتيجية الجبل الأخضر ” و “غابات المغرب2030”.التي تستند إلى أحدث الابتكارات العلمية والتقنيات التكنولوجية في مجال إدارة الموارد الطبيعية وتشمل حلول الزراعة المحافظة على الموارد التي تعزز حماية صحة التربة من التدهور وزيادة إنتاجيتها والزراعة الحراجية التي تدمج الزراعة مع الغابات لتعزيز التنوع البيولوجي وتحسين خصوبة التربة، بالإضافة إلى أنظمة رصد الجفاف التي تعتمد على البيانات الجغرافية والمعلوماتية لرصد تأثيرات الجفاف على الأراضي، ونظم معلومات التربة التي تعد منصة رقمية مدعومة بشراكات دولية مثل مشروع “Soil4Med” مع منظمة الأغذية والزراعة.
وركزت باقي المداخلات للخبراء المغاربة في المؤتمر على أهمية تعزيز التعاون الدولي، خاصة بين دول الجنوب-الجنوب ودول الشمال-الجنوب، لتبادل المعرفة والخبرات. كما دعا الوفد المغربي إلى زيادة التمويل المناخي وآليات الاعتماد على الكربون لدعم مشاريع استعادة التربة والمراعي.
يشكل الحضور المغربي في مؤتمر الأطراف انعكاساً للالتزام الوطني بالتصدي لتحديات التصحر والجفاف من خلال مقاربة شمولية ومستدامة. إن التجارب المغربية تقدم نموذجاً ملهماً للدول الأخرى وتؤكد أن مواجهة التحديات البيئية تتطلب رؤى مبتكرة وتعاوناً دولياً متكاملاً. بهذه المشاركة المتميزة، يعزز المغرب مكانته كفاعل دولي رئيسي في تحقيق التنمية المستدامة وتقديم مبادرة طموحة .