احتضنت العاصمة المغربية الرباط، يوم الأربعاء التاسع من اكتوبر، ورشة عمل رفيعة المستوى حول موضوع “أهمية صحة التربة وخصوبتها لضمان استدامة الأنظمة الفلاحية بالمغرب”، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين في الزراعة وعلوم التربة. نظمت الورشة بتعاون بين المعهد الوطني للبحث الزراعي، منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وإيكاردا والمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية، بهدف تعزيز القدرات المؤسسية والنهوض بالتدبير المستدام للتربة في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر”.
أهمية التربة في الزراعة المستدامة..
سلطت الورشة الضوء على الأدوار الحيوية التي تلعبها التربة في استدامة الأنظمة الزراعية بالمغرب، خصوصاً في ظل التحديات التي يفرضها تغير المناخ والتصحر. وناقش المشاركون الدور المحوري للتربة في تحسين الإنتاجية الزراعية والحفاظ على التنوع البيولوجي، مع استعراض أفضل الممارسات الزراعية التي تساهم في الحفاظ على صحة التربة وخصوبتها.
وقد تم التطرق في الورشة إلى برامج عدة تهدف إلى تعزيز التدبير المستدام للتربة، مثل الشراكة العالمية من أجل التربة ومشروع التعاون التقني حول “الميثاق الوطني للتربة”. هذا الميثاق، كما أكد المشاركون، يُعد أداة استراتيجية للحفاظ على موارد التربة وتحقيق الأمن الغذائي في البلاد.
الميثاق الوطني للتربة: نحو زراعة مستدامة
في كلمته الافتتاحية، استعرض رضوان عراش، الكاتب العام لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، الخطوط العريضة للميثاق الوطني للتربة، والذي يشكل مرجعاً رئيسياً في إدارة موارد التربة بالمغرب. وأكد السيد عراش أن هذا الميثاق يقدم مجموعة من التوجيهات والممارسات الهادفة إلى الحفاظ على خصوبة وصحة التربة، وهو عنصر أساسي لضمان الاستدامة الزراعية والأمن الغذائي.
وأشار إلى أن الميثاق الوطني يعد جزءاً من استراتيجية “الجيل الأخضر”، التي تهدف إلى تعزيز ممارسات زراعية مستدامة، وتقديم الدعم الفني والتدريب للمزارعين في هذا المجال، من خلال حملات توعية ودورات تكوينية تهدف إلى تحفيز التحول نحو زراعة مستدامة.
تحديات التربة بالمغرب…
من جانبه، أشار الباحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي، الدكتور مصدق، إلى التحديات الكبرى التي تواجه التربة في المغرب، بما في ذلك الاستغلال المفرط لهذا المورد الطبيعي، والتحذير من تداعياته على المردودية الزراعية وخصوبة التربة. وأوضح أن الورشة تمثل فرصة هامة لمناقشة هذه التحديات والبحث عن حلول مبتكرة ومستدامة للحفاظ على التربة.
وأضاف الدكتور مصدق قائلاً: “الاستغلال غير المنضبط للتربة يمكن أن يؤدي إلى تدهور خصوبتها على المدى الطويل”، مشدداً على أهمية اتخاذ تدابير وقائية لحماية صحة التربة من التأثيرات السلبية المرتبطة بالتصحر وتغير المناخ.
شراكة مثمرة بين المغرب والفاو..
في هذا السياق، أكد السيد عبد الحق الليثي، نائب ممثل منظمة الفاو بالمغرب، على عمق التعاون بين المملكة المغربية ومنظمة الأغذية والزراعة في مجال التدبير المستدام للتربة. وأشار في تصريح صحفي إلى أن الفاو تواصل دعم المغرب عبر تقديم حلول ملموسة تساهم في حماية التربة من التدهور والتلوث والتعرية.
وأضاف الليثي أن منظمة الفاو تدعم مشاريع المغرب الهادفة إلى تعزيز الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي، من خلال توظيف تقنيات مبتكرة تساهم في الاستدامة البيئية والتغلب على التحديات التي تواجه الموارد الطبيعية.
التأطير والمواكبة…
في مداخلة أخرى، تطرق السيد صلاح الدين البقالي من المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية إلى الجهود التي يبذلها المكتب في تأطير الفلاحين والمنظمات الفلاحية. وأكد أن المكتب يعمل بالتعاون مع شركائه لتطبيق برنامج مخصص لصحة التربة، مشيراً إلى أن هذا البرنامج يتضمن أنشطة تحسيسية ودورات تدريبية تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية التربة وتطوير ممارسات زراعية مستدامة.
تُبرز ورشة العمل حول “أهمية التربة وخصوبتها لضمان استدامة الأنظمة الفلاحية بالمغرب” أهمية التعاون بين الجهات المعنية للحفاظ على التربة كمورد حيوي لتحقيق التنمية المستدامة في القطاع الفلاحي. من خلال تبني الميثاق الوطني للتربة واستثمار الجهود في تطوير تقنيات حديثة، يمكن للمغرب ضمان مستقبل زراعي مزدهر يلبي احتياجات الأمن الغذائي ويحافظ على البيئة للأجيال القادمة.