السمارة أيقونة الصحراء وسمفونية خالدة على ضفاف وادي الساقية الحمراء

 

*بقلم: عمر أعكيريش*

عالم الصحراء مثير ومدهش، وهو مدعاة للتأمل والتفكر في عظمة الخالق، ومثلما دس الله الجمال في البحار والمحيطات فغدت زينة لمرتاديها ومتعة للناظرين، أوجد الله الصحراء وزينها لخلقه لتكون مدعاة للاستغراق في التأمل، وراحة للنفس من رهق التطلع في القبح..
وطبيعي جدا أن نتبصر هذا الوجود الفريد في ملك الله، ونتلمسه في مناظر الطبيعة الخلابة، وفي لوحة من اللوحات الجمالية الباهرة، لكن ما هو غير طبيعي ونادر إلى حد الإعجاز، أن يتنامى الجمال ويزدهر بشتى صوره في مدينة لا يرد اسمها كثيرا على المسامع إلا فيما نذر.. أيقونة الصحراء، وواسطة عقدها مدينة السمارة، التي تنامى عمرانها، واشتد عودها، وتهيأت لمقارعة جمال وبهاء أعتى المدن وأكبرها..
مدينة تغنى بها الشعراء، وأسالت مداد الكتاب والأدباء، وما تراه أعين هؤلاء الخبراء في عوالم الجمال الخفي ليس كما تراه أعيننا..
مدينة السمارة التي تسنى لي زيارتها مرات عدة، أول ما يتبادر إلى الذهن وأنت تسمع اسمها، أن إحساسا غريبا يخالج كوامنك، ربما لجمالها الطبيعي، أو لما اكتسته من بنيات تحتية رائدة، وربما لجمالها الروحي، ما يستدعي زيارتها والوقوف على سحرها..
أعددنا العدة لزيارتها، محملين بمشروع ” ثقافي، فني” فصادفنا موعد زيارة عامل إقليم السمارة ووفد من الحجابة الملكية للزوايا الدينية التابعة للإقليم، تلك التي تعد معالم ومنارات علمية ودينية تضيء درب علماء وأبناء الإقليم على حد سواء، ” الشيخ سيدي احمد الركيبي، الشيخ ماء العينين، الشيخ سيدي احمد العروسي والشيخ سيدي احمد بن موسى”
ونحن نطأ أرضها الطاهرة أدركنا أننا أمام مغامرة تتعلق بالخيال أو أحلام اليقظة، رحلة مغايرة تماما لغيرها من الرحلات والزيارات لباقي المدن المغربية، رحلة من نوع آخر لمنطقة من طراز فريد، كل شيء فيها مميز، وطوبى لمن سنحت له الفرصة زيارة هذه البقعة النقية من مغربنا الأبي..


قد لا يسع المجال لتعداد ما جادت به قريحة المسؤولين بالإقليم من مشاريع تنموية صيرت المدينة وحولتها إلى لؤلؤة وضاءة تشع جمالا وبهاء، لكن نكتفي بذكر ما عايشناه من صفاء ونقاء روح أهاليها، وتعلقهم بأهذاب العرش العلوي المجيد، ودفاعهم المستميت عن الوحدة الترابية، وهذا أساس وقاعدة كل عمل تنموي، وما دون ذلك مجرد تفاصيل يمكن التغلب عليها مع مرور الوقت والزمن..
كان اللقاء بالسيد العامل حميد النعيمي بمكتبه لتدارس ” المشروع الثقافي الفني” بادرة خير، لمسنا من خلاله أننا أمام شخصية فذة، رجل دولة مثقف، رجل يؤمن بالحوار والتواصل، همه خدمة الإقليم ليتسنى له معانقة معالم الرقي والتقدم، وما ذلك بعزيز على من ألصقوا به لقب” محافظ السمارة”
مهما يكن من أمر فإن ما شاهدناه في مدينة السمارة حقق لنا فوائد عدة، وأضفى على ذواتنا متعة نفسية وروحية وجمالية..

مقالات مشابهة