بلا أدنى شك، فإن فوز عبد المجيد تبون بولاية ثانية هو انتصار مزيف يضاف إلى قائمة الانتصارات الوهمية التي تحرص السلطة العسكرية الجزائرية على تسويقها أمام العالم. ليس الأمر إلا استمرارية لنهج القمع والاستبداد الذي اتبعه النظام الجزائري منذ عقود، مدعوماً بأذرع عسكرية تسيطر على مفاصل الحكم وتختطف إرادة الشعب الجزائري .
تبون لم يكن يوماً مرشحاً للشعب، بل كان بيدقاً مطيعاً في يد جنرالات الجيش الذين يسعون لإدامة قبضتهم على الحكم بأي ثمن. الانتخابات الجزائرية كانت وما زالت تمثل واجهة زائفة لديمقراطية كاذبة، تُحاك نتائجها في دهاليز المؤسسة العسكرية بعيداً عن أعين الشعب وعن أي معايير للنزاهة والشفافية. إنها ليست إرادة الشعب التي تم التعبير عنها في صناديق الاقتراع، بل هي إرادة العسكر الذين جعلوا من الجزائر رهينة لمصالحهم الشخصية الضيقة.
الشعب الجزائري الذي خرج في الحراك الشعبي عام 2019، وما قبله، كان ولا يزال يطالب بالتغيير الحقيقي. كان يطمح إلى تحرير بلاده من سطوة الاستبداد والفساد المستشري في كل القطاعات، ولكن ها نحن نرى مرة أخرى كيف يتم الالتفاف على مطالب الشعب، وكيف يتم إجهاض أي أمل في الديمقراطية الحقيقية.
الجزائر اليوم تعيش مرحلة جديدة من التدهور الاقتصادي والاجتماعي، حيث تزداد البطالة والفقر ويستشري الفساد في جميع مؤسسات الدولة. وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب، ينعم النظام العسكري في الجزائر بثروات البلاد، مستغلاً موارد النفط والغاز لتمويل مصالحه الخاصة ودعم حلفائه في الخارج.
إن استمرار تبون في السلطة ليس إلا دليلاً آخر على أن الجزائر لا تزال بعيدة كل البعد عن التحرر من قبضة العسكر، وأن هذه الانتخابات ليست إلا مسرحية هزلية تهدف إلى إطالة أمد النظام الحالي. وإذا لم يواجه الشعب الجزائري هذه المهزلة بوعي وإصرار، فإن المستقبل سيكون أكثر قتامة، وستظل الجزائر رهينة لزمرة من الفاسدين والمستبدين الذين لا تهمهم مصلحة الشعب بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية الضيقة.
كل جزائري حرّ مغلوب على أمره يرفض هذه النتائج الزائفة والوقوف في وجه الطغيان العسكري الذي يحكم البلاد بالحديد والنار…
#عادل العربي