آخر الأخبار
قراءة في المجموعة قصصية: " بؤساء لم يصادفهم هوغو" للقاصة " سلوى إدريسي والي". المنتخب الجزائري يرفض تناول التمر والحليب في المغرب قبل نهائيات أمم إفريقيا 2025 سفير سلطنة عمان: الثقافة والفن رافعتان أساسيتان لترسيخ السلام والحوار بين الشعوب حزب جبهة القوى الديمقراطية يطلق من فاس حملة وطنية للانخراط تحت شعار «مغرب واحد للجميع» حزب التجديد والتقدم يطلق مؤتمراته الجهوية والإقليمية لتجديد هياكله التنظيمية انطلاق المعرض التجاري للصناعة التقليدية لمنظمة التعاون الإسلامي في الدار البيضاء بمشاركة 14 دولة الحقيقة التي تُقوضُ عيش الوهم وحتى توليفة تكرار الخطأ السياسي والاجتماعي والتنموي. وفود الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تصل العيون استعدادا لعقد مجلسها الوطني الفيدرالي..وتأكد على ال... المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان تنظم ورشة تحسيسية للصحفيين بالشمال حول تغطية التظاهرات الري... كأس إفريقيا 2025… أزرو تواكب الحدث بفضاء منظم للفرجة الجماعية

قراءة في المجموعة قصصية: ” بؤساء لم يصادفهم هوغو” للقاصة ” سلوى إدريسي والي”.

[بلادي نيوز.ma21 ديسمبر 2025
قراءة في المجموعة قصصية: ” بؤساء لم يصادفهم هوغو” للقاصة ” سلوى إدريسي والي”.

BELADINEWS.MA
محسن الأكرمين.

مدخل وإحاطة:
اليوم نقتفي أسرار “المجموعة القصصية” والمشفرة تحت عنوان ضمني ” بؤساء لم يصادفهم هوغو” الإصدار من إنتاج وتأليف ” سلوى إدريسي والي”.
نعم، حين تنغمس في سبر أغوار المجموعة القصصية ” بؤساء لم يصادفهم هوغو” بتيمة البحث عن نوعية التنوع، وأقساط الخيال والواقعية، ولما حتى المجازفة بإحداث القياس والموازنة مع نفس النمط الحكائي.
قد نقع ضمن البحث عن حقيقة بأن :” أبطال هذا الكتاب بلا أسماء لامعة ….وبلا نهايات سعيدة” ولم يصادفهم (أحد) في زمانهم ولا أمكنتهم الاعتيادية، غير رؤية كاتبة تنظر للحقيقة والواقع والمتخيل من عدة زوايا، وتُقلب كذلك التشبيهات والوصف كَوَمْضَةٍ تفكك يقين مشاهد الواقع البئيس والحقيقي، والمتخيل منه بنكهة ترف سلاسة الحكي الأدبي وإثارة النقد الضمني.
حينها قد نقع في إشكاية التسميات ونحن نبحث عن :” أبطال هذا الكتاب بلا أسماء لامعة ….وبلا نهايات سعيدة” ولم يصادفهم (أحد) في زمانهم ولا أمكنتهم الاعتيادية، غير رؤية كاتبة تنظر إليهم بسيرة العطف وذكر الحقيقة والواقع المعيش من عدة زوايا متنوع. حتى أن الكاتبة باتت تُقلب التشبيهات والوصف كَوَمْضَةٍ تُفكك من خلالها يقين مشاهد الواقع البئيس والحقيقي والمتخيل منه بنكهة التنوع الوصفي، وإثارة النقد الضمني والعلني.
قدر بؤساء لم يصادفهم هوغو:
من شدة ارتباطي الشديد بتلك المجموعة القصصية لـ” سلوى إدريسي والي ” توصلت أولا بالاستنباط الضمني:”أن حقيقة الإنسان لا تُرى كاملة بالصدفة/ ولا بفوز البطل بحب البطلة”، بل وقفت على عظام البؤساء تتكسّر بينهم بالرفس، وظلالهم تتشتت وتتقزم في المكان والزمان.
عاينت أن تلك المرايا الأنيقة لذات وجوه الترف والبذخ، إنما هي نُزوح استثنائي عن الواقع الكمي” للقبض عن أنفاس من سقطوا خارج دائرة الاهتمام…” إنه نوع من التفرد في عوالم كتابة المجموعات القصصية والتي تتشكّل “من صمتٍ الهوامش الاجتماعية،ومن مواقف تتردّد بين الغرور والانكسار…و أخرى تبحث عن الحرية والعدالة الاجتماعية… بلا انتظار قدوم “المهدي المنتظر” !!!
من سبق الملاحظات الوصفية الأولى: أن الكتابة عند ” سلوى إدريسي والي ” تماثل دور رصد كاميرا التصوير في مواقع الأحداث وفي خيال المتلقي. فقد كانت لا تلتقط الوجوه كتابة وحكيا وتصويرا، بقدر ما كانت تلتقط ما تحتها من خوفٍ وبؤس وألم ووجع، ورغبة في الخلاص من ذات الوضعية المتردية”.
فقد كان قلم الكاتبة المتخيل في جل فصول المجموعة القصصية يُطارد ذاته في التفكير الشمولي، قبل أن يطارد الخصوم في شق الخلافات الاجتماعية (نموذج: أعطني حريتي).كانت الكاتبة، تصنع من الهزيمة الحقيقية المرة، وموردا للبحث عن منافذ الانعتاق والهروب نحو أفضل عيش، تقول الكاتبة: “قهر الزواج كل ثقة في نفسه وحتى في مظهره /ص7″.
كل العبارات الحزينة في المجموعة القصصية تشقّ المسافة بين الحلم والواقع الساقط في المتردي من العيش المنحط. مرات عديدة كانت ” سلوى إدريسي والي ” تُلقي ببطل (ة) فصل من فصول المجموعة في أسئلة (لا تنتهي وفي واقع لا ينتهي…)، لتجعل مثلا: من الزواج رحلةً في جوهر الإنسان قبل أن يكون حكاية، تقول: “فقد كان يبحث عن تبرير نية الخيانة حتى في ضمير الخيال مرددا بيقين الاكتساب والتبريرات اللينة المفبركة:(الزوهرة لم تحبني يوما) ص9.
معلم في الإقامة الاختيارية:
من الصدف الرائعة في فصل (معلم)، وقفت على نوعية من التجانس التنافري بين تفكير البطل في الأخلاق وبصيغة أنانية (الأم/ الأسرة/ الهروب من الذات/ الهروب من المكان…” حين يفر من حضن أمه، ويبقى غريبا في وسط قدر يزداد نأيا بالبعد عن نشأته،إنها بحق ازدواجية تعبير تطل على منطقة أكثر عمقًا في السرد الفلسفي. فحين يتم تناول هشاشة واقع الإنسان، ونستخلص بأنه في الحقيقة كان يواجه ذاته لا خصومه… كان المعلم يُعاود الارتماء في حضن أمه:”فيشعر بتيبس في جسدها…ثم استرخاء… ويقول: شمت رائحتي جسدي وتنهدت تنهيدة طويلة…” ص 27.
قصة تنتهي بالآهات: ” لاشيء يعجبني…الإنكسار الأحادي… ويختم لحظته بالوجع “أريد أن أبكي” بين اشتياق الأسرة الصغيرة، ومنبت الولادة.
مرايا الجرح”الجمعة الحزينة”:
تدور أحداث الفصل حول “شيطان سكير” يعيش على هامش المجتمع “متكئًا على غروره، وحسّه الأناني في السطو على أحلام الأبناء، وتقديح الزوجة وتعنيفها”، يخاطب الزوجة بفضاضة:” تريدين الذهاب لتفعلي ما يحلو لك أيتها الفاجرة؟ ص32.
تتقدم أحداث هذا الفصل عبر سلسلة من أحداث الهزائم، وجملة من الانكسارات للأسرة وللأم بوجه التخصيص، لتكتشف الراوية أخيرا أن الأب يعيش”أزمة رجولة لا أبوة”، وأنّ معركة (الأب البيولوجي) ليست مع أفراد الأسرة فقط، بل هي مع ذاته الممزقة والسطحية.
من هنا تتشكّل نهاية الفصل بموت الأب (الكفيل)، والراوية تقول وهي في ابتسامة مسكوتة :” منذ ذاك الحدث بدأت تبحث عن الأب بعد أن باتت يتيمة…” / ص38.
طلاق الحرية:
تنهض المجموعة القصصية، علىعدة إشكاليات تتجاوز ما هو لحظي/ ذاتي نحو مطالب كونية (الحرية)،إذ تكشف الراوية أن الطريق نحو الحرية ليس بالسهلة ولا بالهبة السخية من الجنس الذكوري، وإنما (الحرية) نضج في الروح، وإيمان أن الحياة لا تستحق سلاسل العبودية.
تقول الراوية بكل فضح: (أنا الآن لا أعلم شيئا عن هذه الحياة التي تنتظرني، لكنني أشعر أني حرة، وهذا ما يجعلني أتعلم الابتسام الخطو والسعي…/ص43.

الموت المفعم بالحياة:
نعم من الملاحظة الثانية ، تظهر في الخلفية قراءات بين السطور، روح موت الحياة حاضرة و تتم ” بالعرض البطيء” في الحكي والتوصيف، لكن نجد أن الصمود في كسب نعم الحياة كقيمة اعتبارية،لا يمنح سوى للقادرين على الدخول في لعبة قاسيةلمواجهة الذات والألم وحتى الوجع منه.تقول الرواية:” هي الكدمات التي لا تنتج غير العزيمة: كنت مشتاقة للجلوس على الكرسي/ 45″.
فالليل عند الراوية لم يخلق إلا لعصر الذكريات… وقد تأتي تلك الذكريات وقد لا تؤدي… الأهم في هذا الفصل تلك ” العلاقة المحورية والذييفضح هشاشة الثقة بالذات، ويعري عن مكامن الألم الناتج عن الشعور الدائم بعدم فتح بوابة عيش السعادة في ظل العوائق والمنحدرات الغائرة…/ص 48
بؤساء لم يصافهم هوغو:
تتخذ البنية السردية شكل رحلة سقوط ونهوض، معتمدعلى إيقاع داخلي لا يتسرّع في الكشف عن الصراعات، وإنما يُتيح لكل صراع بأن يتخمّر في رؤية الشخصيات المتناقضة، وتقوم الحبكة النصية على تناص (التعامد) بين مسارين: مسار العلاقات الاجتماعية وفوارقها المتحكمة بالضغط، ومسار الروح والخروج من شبكة العنكبوت (الاستنباط النفسي).
ومع كل فصل، يزداد وضوح تشابه اللعبة مع قيم الحياة والعلاقة الوطيدة مع الألم والفقر” الفقير جائع والجوع يَخرجُ كالوحش الكامن في الإنسان…/ ص 49.
بعدها تتماسك السردية عند “سلوى إدريسي والي”عبر استقطاب لغة بصرية/سمعية مكتوبة تعتمد على موجهات الظلال، وعلى تفكيك وضعيات المساحات الفارغة” أني أحببت ذاك العالم (شغب الطفولة)/ وشغب ” حرق الكلاب حية…” ص49، ما يجعل المكان نفسه شريكًا في تشكيل المعنىوالأحداث.
ويتقاطع كل هذا مع خطاب وجودي يخلط بين الواقعية القاسية، والتأمل الهادئ في الكون والمجتمع، لتعلن الكاتبة “سلوى إدريسي والي” ضمنيا أن اختيارات البطولة ليست إنجازًا رائعا دائما، وإنما اختبارًا أخلاقيًا ونضجا معرفيا في القيم والجمالية…”.
الخــــــــــــــــــــــــــــــــــــتم:
تتسم الهوية الجمالية للمجموعة القصصية لـ” سلوى إدريسي والي” بأناقة استحضار الذكريات والأحلام والمتخيل، والذي يحضر ولا يؤدي مرات عديدة، وذلك عبر أنساق دالة يزيدان من تعميق الإحساس بالعزلة والوجع والألم، والبحث عن منافذ السعادة.
ورغم هذا فالكاتبة “سلوى إدريسي والي” كانت تستدعي الجمالية اللغوية في الحكي، وفي اختيارات الألفاظ الدالة، كذلك عملت على ضبط انخراط المتلقي في صياغة أحلام رديفة له، والعيش بين شخوص لم يلتق بهم حتى هوغو.!!!
وتتخذ رؤية الكاتبة للحياة منحى أكثر تعقيدًا، إذ يبدأ في أن الحلول الحقيقية لا تتحقق ابتداء من الثورة على الذات والآخر !!! وإنما في قدرتنا جميعا على حماية من نحبهم من الألم والتعسف ومن الظلم الأشد مضاضة، ومن احترام الكرامة والعدل والقانون، إذ تنتقل بنا الكاتبة من لوم الآخرين أخلاقيا، إلى مواجهة مسؤولياتهم عن خياراتهم، ومحاسبهم كذلك (إن لم أكن أنا فمن أكون؟)… إنها فكرة إثبات العدل والحكامة وتحرير القيم الاجتماعية، و لما لا استعادة القدرة على النظر إلى داخل (الأنا) العليا و بدون خوف مركب،تقول الكاتبة: ” ربما كان ظلي عائد من البحر بحسرة/ ص14″.
نعم فقراء هوغو” لم يعد عندهم شيء يخسرونه بالمرة…” حتى ولو ثاروا !!!. من هنا قد يتحقق الخلاص ضمن رزمة حلول عادلة وكونية ” لأن التحرر كما فهمته من الكاتبة ” سلوى إدريسي والي” مسرح لهزيمة الخوف وبداية صياغة التوازن الاجتماعي والأخلاقي… من جديد وبأبعاد أخرى كونية…”
تقول الكاتبة:”القدر يُصر أن يجمع التُعساء، لكنه يرفض أن يلتقي بالأحبة…” هي عبارة تبحث عن التصالح مع الذات ومع العالم ومن داخل قلب الذاكرة والذكريات.
(بؤساء لم يصادفهم هوغو)، تحمل طبقات نفسية مصغرة من ذات المجتمع، وتزداد دقة وتدقيقا وتكشف عن المساحات المظلمة داخل شخصيات متنوعة تثير نقاشات توترها وخدوشها،وشعورها المبكّر بالنقص.
تفضح النفسية المرهقة للجسد المثقوب بالألم والوجع من شدة متلازمة الانكسارات، وتستنجد بهشاشة الذات الوجعة مع غياب صفائها الداخلي…
عالم مجموعة قصصية الكاتبة ” سلوى إدريسي والي” يعج بالكائنات المقعدة والكسيحة، مليء بالكائنات المنكسرة التي تطلب قليلًا من الرحمة من القارئ ومن المجتمع.
المواجهة عند الكاتبة” سلوى إدريسي والي” تجدها في اللغة الفسيحة بسحرية لا تنطق غرورًا بل صفاءً، والحلول كلمات لا تتحرك خوفًا بل ثباتًا.
” بؤساء لم يصادفهم هوغو” تعتبر مجموعة قصصية (96 صفحة) غنية بالمواقف الحياتية، وتحفل بتنوع مشاهد البؤس والبؤساء في وطن السرعتين وغياب العدالة المجالية، وبروز المغرب العميق في نشرات أخبار” الآفات والكوارث الطبيعية والبشرية…”

الاخبار العاجلة