متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين.
أزمة مجلس جماعة مكناس غالبا ما نتحدث عنها بصيغة المبني للمجهول (برنامج مختفون)، وقد نَصِفُها كذلك بتأزم الوضعية السياسية من غير تحديد المسؤولية، وكأننا من المتفرجين المستهلكين لتفاهة الخلافات التنافرية. فعند حديثنا بتجميع عناصر الأزمة السياسية والأخلاقية بالمدينة في ضمير منفصل (نحن والمسؤولية)، نزيد من شدة التعويم الغامض، والعالق (مسمار جحا) على الدوام بمجلس يُنتج الإخفاقات والفقاعات التنموية المستديمة.
عناصر الإخفاقات بمجلس جماعات مكناس تحمل أسماء معلومة (بلا تمايزات)، ومهاما ذات امتدادات أخطبوطية (الريع حلال)، ودائما في صيغة الضمير الغائب تبقى مستترة، ولا يتم تبيين مولدات الأزمة الصامتة والكامنة، والدائمة بالفوضى.
قد يقول قائل: لماذا لا يتم تسمية الأسماء بمسمياتها؟ نعم، قد لا نختلف في هذه القضية، ولكنا حين ننتقد الأزمة الأخلاقية السياسية بمجلس جماعة مكناس، فإننا نتحدث عن تسيير أفقي جمعي (الديمقراطية التشاركية)، وعن تدبير عمودي (الديمقراطية التمثيلية) لمرفق عام يختص بسياسة القرب والأولويات، فلا زيد نضعه في الميزان كقيمة فائضة ورابحة، ولا عمرو ننتقص من تمرده التنطعي، وحبه على خدمة المدينة أولا وأخيرا.
الأزمة الأخلاقية السياسية تستطيل بمجلس مدينة مكناس ( نموذج الدورة الاستثنائية لشهر شتنبر 2024/ والشمس لا يمكن تغطيتها بأي غربال، ولا يمكن حجبها بتَوْهِيم من منظار مليح!!)، وتزيد تلك الأزمة السياسية والأخلاقية شرارة حارقة من مقولة (حمِّي الطبل قبل دورة أكتوبر 2024/ فصيل التحالف التصحيحي). ومعلوم بالضرورة أن هذه الأزمة (مهما كانت) فهي جذرية، ومستمرة بمهازل أخرى (فَطيرة) ومستجدة، وقد لا تنتج غير الفوضى، والمدينة بحق لم تــر عملا ذا قيمة ونوعية منذ استحقاقات (8 شتنبر 2021) !!
حقيقة حتمية، فمكونات الأخلاق السياسية لا قيمة لها بمجلس جماعة مكناس (كُونْ كَانْ الخُوخْ يَداوِي كُونْ دَاوَا رَاسُو) !! لنفترض مستقبلا بعقد العزم على إسقاط الرئيس بملتمس رقابة الإقالة/ العزل القانوني (مع إمكانات ترتيب الآثار القانونية)، ستبقى حتما مكناس في ظل الفوضى منحصرة بين معقوفتين عالقة ومتجددة، وقد تصل بالمدينة إلى انحطاط الأخلاق السياسية تامة، وفقدان الثقة في الناخب والمنتخب !! في حين (لِي تَا يَشْطَحْ لا يُخْفِي وَجْهَهُ)، وهنا تُصاغ قضية فساد الأخلاق السياسية بصيغة (التعيين) لا الترميز المُفبرك (الإعلان عن لائحة التوقيعات المضادة !!) للساكنة الناخبة !!
من الصعب الخوض في الاستعراضات الأخلاقية والسياسية كثنائيات ذات قيمة متنافرة (تحالف/ضد التحالف/ وشتات يبحث عن دوره في الاحترام والتقدير !!)، فمسألة الأخلاق السياسية والفضيلة (مكناس الفضلى) تغيب كليا بمجلس الجماعة، وباتت السياسة تشتغل على مدمرات (فاسدة)، ومروعات التفاهة الأخلاقية السياسية. و تحولت السياسة بالمدينة إلى أساليب(الحرب) واستراتيجيات (الكر والفر)، وخطط من المكائد، ونصب الفخاخ المميتة، ورفع التنبيهات !! وباتت الأخلاق مثل ظرف استثنائي يُوزع على ساكنة المدينة في البرامج الانتخابية الحزبية فقط.
الممكنات الموجودة في الواقع السياسي بمكناس، لا تقتضي فقط إسقاط الرئيس (الإقالة)، وتحميله مسؤوليات الإخفاقات بِكُليتها، فالأزمة بمجلس جماعة مكناس أزمة هيكلية وتنظيمية، أخفقت في إنتاج حلول للمشكلات السياسية والتنموية بالمدينة العالقة والمستجدة.أخفقت حتى في التقليل من عمليات الاستمطار، وتخصيب الصراعات والمؤامرات من أجل الاستئثار… بالموزة!!
نعم، قد أصبحت السياسة بمجلس جماعة مكناس ميدانا (لتعليم الصبيان أبجديات السياسة والتلاسن/ كما قال أحد الأعضاء بالمجلس !!)، وحقل من المضادات الحيوية التي تنتهك قتل ود العلاقة بين الأخلاق والسياسة. فقبل أن تكون المشكلات السياسية بمجلس مكناس حاضرة في الاختلاف الحزبي فقط (اليمين/ اليسار/ الوسط/ الشتات…)، أصبحت تناحرا أو قضية زائفة في التدافعات الشخصية والأخلاقية الفاضحة. اليوم نقر اعترافا سليما بأن المشكلات الأخلاقية باتت ذات طابع شخصي لا تنظيمي، فما هي السياسة الممكنة ما بعد دورة أكتوبر2024؟