محسن الأكرمين.
إعلانات النفير بشأن الأزمة التنموية والثقافية بمدينة مكناس لا تجد مسامع استحسان الاشتغال على أوجه البدائل والهيكلة الممكنة. فعند كل عتبات صيف وغيره، تبدو مكناس خارج التنشيط الترفيهي والسياحي، خارج حقل ترسيم مجموعة من الأنشطة الفنية والثقافية والمهرجانات التي تواكب موسم العطلة والاستجمام والاستقطاب السياحي.
من الملاحظات الرتيبة أن مدينة مكناس تنتصب خارج الوجهات السياحية في مواسم العطلة، وفي غيرها من المناسبات ذات الشد والاستقطاب السياحي الداخلي. مدينة تشتغل وفق الإكراهات الذاتية الرتيبة، ولم تقدر البتة على توفير رؤية إستراتيجية للتغيير والتجديد. ففي ظل إهمال الوسط البيئي والجمالي للمدينة، وفي ظل غياب البرامج الترفيهية والبنيات التحتية السياحية التفاعلية (الإقامات الترفيهية / المسابح/ البرامج الترفيهية والتنشيطية/ المهرجانات ذات الاستقطاب المفتوح…) تبقى المدينة تنتظر مواسم أولياء الله الصالحين، وقصد المزارات بأدعية وبركات فك النحس و(التابعة) و تعجيل زواج التنمية (البايرة/ العانس) بالمدينة في أقرب المحطات.
قد تكون لنا مجموعة من الانتقادات الرمزية لأداء مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية (الدورة الثانية والعشرين/ 22)، حين لم يرتق إلى صنف أثر ومنتوج مهرجان (مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة/ الدورة السابعة والعشرين/ 27)، وهما من نفس الجيل والاهتمامات.
نعم، في كل سنة يبقى مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية معلقا مثل ذوات الأعراف، ونحن ننتظر هل سيتم الإفراج عنه من طرف وزراة الشباب والثقافة والتواصل(قطاع الثقافة بجهة فاس مكناس) ؟ فحين نستحضر (كرونولوجيا) المهرجانات التي تم دعمها من قبل (قطاع الثقافة) نجد الجبال والوديان والسهول والتلال والغابات…فمجموعة من المهرجانات نالت حقها من الدعم، وبسخاء حاتم الطائي الثقافي (دعم بقيمة 8.59 مليون درهم للجمعيات والمهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية… 176 مشروعا برسم سنة 2024)، حينها يبقى السؤال معلقا بمكناس، لِمَ (قطاع الثقافة بجهة فاس مكناس) يعملون على تغييب مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية من الخريطة السبقية ذات الأولوية ؟
الثقافة والفن والمهرجانات بمكناس تعيش نكسة الدعم والتدعيم. تعيش إشكالية التمويل والتنسيق الأفقي بين مهرجانات ربيعية متراكمة وغير ذي جودة وجاذبية. تعيش بالحق المبين إشكالية الحكامة الداخلية بمقاييس الشفافية والوضوح، والتقويم في الأداء والأثر، وغياب المحاسبة عن صرف المال العام !!
نعم، قد تسكن الثقافة (القبة الخضراء) بإدارة المركب المنوني آمنة مستأمنة على القطاع الثقافي والفني بالمدينة، لكنها تعيش في بحبوحة زمن برودة المكان ولطفه، وفي انتظارية الكلمات المليحة والشكر الموصول !! تعيش الأمن والسلم، والتدبير الورقي اليومي والسنوي ولم تقدر على خلق التميز والتفرد الثقافي بالمدينة حتى بأضعف أيمان الترافع عن حق المدينة (نموذج مهرجان وليلي)!!
ومن مكر السؤال، متى سيتم الكشف عن موعد مهرجان وليلي؟ قد نستطلع غياب برمجة زمن ومكان (غياب المعلومة) مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية. قد نطالب بتمريره في موعد القار دون تأخير، وبلا سرعة (اقْدِي بَلِي كَايَنْ) !! فالمهرجان يشكل محطة مدينة للاحتفاء بالتراث الثقافي اللامادي، بالموازاة مع العلامات الثقافية الشبيهة بتراثنا الثقافي بجميع مكوناته الفنية والإنسانية والحضارية.
مهرجان كان (وسيكون) بداية إعادة توظيف التاريخ (المادي واللامادي) في الرهان التنموي الحديث، وذلك بالارتكاز على الرأسمال اللامادي للروافد الثقافية والفنية والهوية والذاكرة الوطنية المشتركة.
اليوم، لم يبق لدينا من بوابات الطرق الأبواب لسماع صوتنا الايجابي، غير بوابة السلطات الترابية الرحب والحكيم، والتي في كل المحطات تدعم مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية، والذي يحتفي بالموقع الأثري وليلي، ومنطقة زرهون، والمدينة العتيقة لمكناس التي ازدادت أناقة بعمليات التثمين والتأهيل.