إن عبارة طقوس العبور مصطلح استعمله لأول مرة عالم الاجتماع الفرنسي A.van.Gennap في كتاب له صدر سنة 1909 بعنوان “طقوس العبور ” وفيه بين أن طقوس العبور ثلاثة أضرب و هي طقوس التجميع (مثل الزواج)وطقوس الانفصال (مثل الموت) والطقوس الهامشية (مثل الحمل والخطوبة) .
وترى نبيلة إبراهيم أن طقس العبور يمثل نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة ، وإجراء الطقس يقوم بوظيفة اللاعودة إلى المرحلة الأولى و التسلح بأسلحة تعين على مواجهة المرحلة الثانية
ولتسليط الضوء على طقوس العبور في المغرب فقد إخترنا الحديث عن حفل الزواج و حفل الختان كنماذج حية و قوية لأهم طقس في المجتمع وهو طقس العبور والذي من خلاله ينتقل الإنسان من مرحلة إلى مرحلة أخرى .
الاحتفال بالزواج في المغرب يدوم غالبا لثلاثة أيام فاليوم الاول مخصص لحمام العروس، حيث يتم تعطير الحمام المغربي التقليدي بمختلف أنواع البخور و العطور ، وتذهب العروس برفقة نساء العائلة و صديقاتها وبنات الجيران إلى الحمام وصوت الزغاريد يمتزج بأنغام ” الطعارج ” و”البنادير” وهي آلات موسيقية تشبه الدف للغناء والإحتفال .
أما اليوم الثاني فهو يوم نقش الحناء والذي يعتبر مصدر تفائل لحياة العروس حيث تدل على الخصب ويكون الاحتفال منحصرا بين العروس و أخواتها و صديقاتها .
وفي اليوم الثالث وهو يوم العرس يتم إحضار السيدة التي تتكفل بزينة و لباس العروس و يطلق عليها إسم “النكافة ” وتحرص على أن ترتدي العروس كل أنواع اللباس التقليدي المغربي مرفوقا بالمجوهرات الثمينة أبرزها التاج المرصع بالحلي .
ويرافق غالبا العرض عيساوة أو الدقايقية وهي فرق شعبية تقوم بتنشيط العرس إضافة إلى الاركسترا الغنائية كما يتم حمل العروسين في” العمارية المغربية ” وتقول الأسطورة أن العمارية تستعمل لإبعاد شر العين عن العروسين .
ويتم تقديم أرفع الأطباق المغربية والمشروبات والحلويات للمدعوين .
وختاما غالبا ماتزف العروس في المدينة بطريقة غربية حيث تحمل في سيارة فخمة في حين تزف العروس في البادية في هودج يحمل على الأكتاف أو الأحصنة .
بالنسبة لحفل الختان في المغرب والذي يعتبر كذلك من أهم طقوس المرور فيكون إحتفالات كبيرا ليس كأي إحتفال حيث يدخل من خلاله الطفل إلى الإسلام كما هو متعارف عليه بين المسلمين في المغرب .
ففي البدأ ينطلق موكب الصبي من البيت حيث يمتطي الأب حصانا برفقة طفله وترافقهم فرقة شعبية أو موسيقية يعزفون بشكل موحد بمزامير و طبول ويرافق الموكب أطفال يحملون في أيديهم الصغيرة مناديل وأحزمة …
ثياب الطفل تكون متميزة عن البقية حيث تتكون من عباءة من نسيج أبيض وفوقها عباءة أخرى ذات لون أحمر أو أخضر و مزينة بأشرطة و زخارف متنوعة و جميلة بينما يزنر الرأس بشريط من حرير .
حينما يصل الطفل للمكان الذي سيختن فيه يتقدمه أبوه أو ولي أمره يدخلان إلى مكان التختين ويتولى الأمر غالبا مايطلق عليه (الحجام) ، بعد العملية مباشرة تبدأ الاحتفالات داخل بيت الطفل حيث يتم عزم أهله والجيران إلى وليمة على قدر استطاعة عائلة الطفل و عند الاحتفال يقدم كل مدعو هدية للطفل بمناسبة طقس المرور المميز وهو الختان .
وبهذا فإن لطقوس المرور في المغرب مكانة متميزة و متجدرة في أعماق التاريخ والتي لا يمكن الاستغناء عنها وسط المجتمع المغربي الحريص على الحفاظ على ثراته وتقاليده .
مراسلة : دنيا البغدادي