هل صلاحية التعبئة الجهوية لمهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية انتهت؟


متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين.

مكناس بقدرة السميع العليم في كل مهرجاناتها يَطبعها الغموض والتدني سنة بعد أخرى. فالمديرية الجهوية / فاس– قطاع الثقافة- قامت بتصدير برنامج نسخة جديدة (22) من مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية لمدينة مكناس العلية. نسخة يمكن اعتبارها من أفلس النسخ على طول الخط العمري والزمني للمهرجان.
في هذه النسخة، ومن غير يوم الافتتاح المتنوع بالحضور والعروض. قد كانت هنالك تداعيات تنظيمية، فقد شهدنا اقتحام فضاء معالم التراث العالمي لمدينة وليلي التاريخية بالإقحام، والتي هي في غنى تام عن مكبرات الصوت القوية، وعن المشعات الكهربائية قبالة قوس النصر !! قد نقول: بأن مدينة مكناس يتم تبخيس آرائها الثقافية والفنية على العموم، ففي نهاية هذا الموسم الثقافي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل الموقرة، قد نستبدل اسم مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية، بمهرجان النشاط البارد في موسم الجفاف، وتوزيع حصص للدعم عبر منصات غناء الريع (حلال)، فقد تحولت ليالي البرد القارس، إلى ليالي ساخنة من الموسيقى والحفلات المتنوعة الأنغام.
نحن لزاما لسنا ضد الفن والغناء ولا حتى الثقافة، ولا ضد أي كان منصبه ضمن المنظومة الثقافية الجهوية أو المحلية، ولكنا قد نكون ضد كل استهلاك رخو للثقافة والفن (اقضِي وعَدِي)، وتدجين الفنانين بالدعم و (لَخْلاَصْ). نكون مع الثقافة العادلة الرزينة التي تحمل الكرامة للمدينة وللفنانين وللمتلقي المتشبع بالقيم الجمالية والروحية، نكون مع ثقافة الفن البنائي (النظيف) لا الفن الاستهلاكي (الرخو) مثل الوجبات السريعة.
المهم أن رصيدا ماليا، كان مرصودا للصرف في الثقافة بمدينة مكناس، تم صرفه قبل نهاية السنة 2023، وقبل أن يتم حرقه بالاسترداد. نعم، هي حالات من حالات التردي الثقافي بالمدينة، فكل من استفادة من كعكة برنامج المهرجان يُدافع عنه باستماتة، ويُنصب نقسه مُحاميا عن المهرجان حتى في (إعلام الشارع). إنها بحق عملية الرِّدة التي يعرفها الحقل الثقافي بالمدينة سوء، ومدى التبخيس الذي أصاب النوعية والأداء الثقافي بمكناس. إنه النكوص بعينه (بمتوالية ادفع)، فمن خيمة الكتاب والنشر (الفقر المعرفي والثقافي)، والذي أبان أن القرار الجهوي للمديرية الجهوية –قطاع الثقافة- لا نفع اعتباري له بهذه المدينة العلية مكناس السلطانية.
قد نتساءل عن قيمة النوعية لأثر مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية بمكناس وحوضها الجهوي والوطني والدولي!! قد نتساءل عن رقم المشاهدات والمتابعات والمؤثرين!! قد نتساءل عن الصورة الجمالية والفنية التي سوقها المهرجان دوليا عن مدينة وليلي الأثرية وعن مكناس!! قد نتساءل عن مدى الاستقطاب للسائح الوطني والدولي، ومدى استفادة المدينة من المهرجان اقتصاديا وتنمويا وثقافيا وإعلاميا !! قد نتساءل عن الكم المالي للمهرجان، ومدى مخصصاته التمويلية والداعمة، ومدى الاستفادة من نوعية (النشاط المجاني)!!
هي الحقيقة التي يجب أن يستمع إليها من يمثل الثقافة بمديرية الثقافة بمكناس. فمشاهد المهرجان تتكرر سنويا (المهرجان الخامل)، ويتم توضيب ملمحه القديم (أبيض وأسود) وتصويره بالألوان والمحسنات الصوتية. من تم، قد يكون مطلب إصلاح وتغيير برنامج المهرجان جذريا أمرا عاجلا ليواكب مفهومه (الدولي). هي البرمجة نفسها بمتغيرات رتيبة، حتى بات مهرجان وليلي “مثل التلميذ الكسول الذي تلبسه بذلة جديدة أنيقة، لكنه يبقى مع ذلك تلميذا كسولا، ويتوجب علينا أن نساهم في تكوينه…”.
.