أقلام حرة

المساحات الخضراء بمدينة مكناس والإهمال المستديم !!


متابعة محسن الأكرمين.

كم كانت دهشتي تحمل المسرة بالطبيعة الغناء عند مدينة الرباط، وتتجهم بؤسا من وضعية مكناس البيئية. فإذا كانت الرباط بحق مدينة الأنوار والاخضرار، فإن مكناس تُمثل مدينة الظلام والحدائق الجرداء. حقيقة لا مناص علينا من ذكرها، رغم أني أوثر عدم الضغط عليها، فقد تعرضت مكناس لعمليات المسخ والتهجين عبر أزمنة متلاحقة، ولما لا التهميش البنيوي، ونسج عش الهشاشة والفقر.
تنعم الرباط مدينة الحُظوة نعيم النظافة والبيئة الخضراء وجمالية الإنارة النيرة. تنعم بالغطاء النباتي الذي يُلاقي التتبع والسقي والبستنة والعناية المستديمة. مدينة أقلعت عن مدينة مكناس بمسافات ضوئية بينية، فكل عناصر جودة الحياة والسعادة تتواجد بالرباط. بحق نَفتخر بمدينة الرباط كعاصمة من أجمل العواصم الإفريقية، نفتخر بنوعية الحضارة والتمدن والذكاء المديني، والدفع بالمدينة نحو العالمية والاستقطاب التنموي الحضاري، ونتأسى عن وضعية مكناس التراجعية في سلم التنمية.
مكناس، مكناس والتي نعتبرها جزء من ذوات حياتنا الفردية والجماعية، ومن رحم نوعية الحياة التي تطبعنا بالسليقة الفطرية منها، فهي باتت في تراخ كسيح، وتراجع مترهل في جل البوابات وبالتخصيص المساحات الخضراء. فإذا كانت المساحات الخضراء بالمدية تعيش موضع البؤس والدمار المتنامي، فإن المدينة لم تقدر البتة على الزيادة الكمية أو العناية النوعية، أو التفكير في شعار (مكناس الأخضر) !! حقيقة إن مجلس المدينة الجماعي قد تخلى بشكل ما عن تتبع المساحات الخضراء بالسقي والرعاية والتنظيف والأمن، فحتى حديقة الحبول الغناء (سابقا) تم إقفالها لأجل الترميم إلى أجل غير مسمى !!
من مدينة الرباط وبالمقارنة الفارقية إلى مدينة مكناس، تجد الهشاشة الطبيعية وأنت تَتَنعلُ الدخول إلى المدينة. تجد أن مكناس قد ريبتها معاول الاستغلال البشري، وتم القضاء على منتزهاتها وأراضيها الفلاحية. تجد أن مناقشات المصادقة على رسم التهيئة الحضرية للمدينة يُرهقُه الحديث عن العمارات (7+R ) ويتم تغييب الإنسان والمجال البيئي للمدينة.
نعم، مكناس تفتقد إلى قاعدة النجاعة الاجتماعية، والتدبير السياسي العقلاني. تفتقد إلى إعمال القواعد الأخلاقية الكبرى. تفتقر إلى سياسة حكيمة في إنتاج التنمية الكلية من داخل جغرافية القرب الاجتماعي كثروة قيمية. فإشكالية التحولات الفوضوية التي تعرفها مكناس تندرج بالإكراه والانعكاس على البيئة الطبيعية والجمالية للمدينة، فمن حديقة ونافورة الساحة الإدارية، إلى متسع ساحة (كورنيت)، إلى حدائق لا تمت التسمية بأنها حديقة فعلا !! هي مكناس (التالفة) في جميع الاتجاهات والمتاهات الفارغة، ويمكن أن نقول: (خَاصْهَا كُولْشِي) !!
مكناس في حاجة ماسة قبل تزيين ورعاية حدائق ونافورات المدينة، إلى رؤية إعادة التخطيط لمجالها الطبيعي البيئي أولا. فهي في أمس الحاجة إلى مسلك التحول المديني (المدينة الحضارية الذكية)، والتخلى عن مرتدات (البداوة)، وفوضى الأنشطة غير المهيكلة. فيما العنصر الأساس والذي يحمل حتما التدقيق والشفافية، فيتمثل في بناء متغيرات الحكامة التدبيرية بمجلس جماعة مكناس.
فإذا كان تنامي الشعور بعدم الرضا عن أداء المؤسسات العمومية (مجلس جماعة مكناس)، قد أفقد الساكنة (تِيمَةَ) وحدة المصير في العيش المشترك والثقة في المستقبل، فإن المدينة تنتظر الرعاية الوطنية وتأسيس وكالة لصناعة التنمية. فقد كانت جمالية المدينة البيئية يضرب بها التقايش مع مدن أخرى، اليوم باتت تلك المدن في أعلى المستويات والاهتمامات. اليوم الغطاء النباتي البيئي بمكناس بات يموت أمام أعين الساكنة ومجلس مسؤوليات القرب، باتت توليفة إعادة تدخل الدولة العمودي (دور الدولة التنظيمي والرقابي والتطويري…) ضرورة ملحة في توجيه دفة مجلس جماعة مكناس نحو التدبير التصاعدي للتنمية، بدل الخلافات الداخلية.
بين الرباط ومكناس شَتَّانَ وصفا وكتابة. رجاء ثم رجاء فقد بقيت ضفة وادي بوفكران هي المتنفس الوحيد للمدينة، رغم الاختراقات !! دعوة إلى للسلطات الترابية العليا بالمدينة إلى تحصينها من كل أيادي لوبيات القاعات والعقارات والمصحات. دعوة إلى التفكير في (كورنيش) ضفة الوادي بجمالية وإنارة مستنيرة. دعوة إلى توقيف تدمير الغطاء النباتي والبيئي بكل أقطاب المدينة الأربعة. دعوة إلى تعزيز الجهود الرقابية من لدن الجهات المعنية (منتزه الرياض) من الانتهاكات التي تصيب ما يسمى (حديقة) أو منتزه !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار