محسن الأكرمين يكتب:
كل المدن المغربية تضع برنامجا صيفيا يواكب العطلة ويفعل التنشيط المتنوع، ويُخرج المدينة من روتينها اليومي. كل المدن المغربية تضع برنامجا تفاعليا وتشاركيا عاما إلا مكناس فهي خارج الزمن التنموي والثقافي والترفيهي. نعم، مدينة بات الجميع يتأسى لحالها ولوضعيتها المرتدة وراء، والبكاء على أطلال خروجها من قيمة المدن المعيارية تاريخيا في الوجاهة والمكانة.
من سوء التدبير الفوضوي عندما تتزاحم المهرجانات في أشهر معدودات من السنة، وتتلاحق بالتدافع والتنافس الارتدادي. عندما تبيت تلك المهرجانات تبيض البيض الذهبي لمنظميها وتدفع بهم نحو الواجهة ونيل قسط مريح من عوائد الريع (حلال)، لكنهم في الصيف فهم في غنى عن حر المدينةK وقد يستمتعون خارج الوطن في الظل الظليل !!
صيف حار، وحدائق قاحلة، وضفة وادي كيتان في بؤس وتلوث. صيف هذه السنة يمر في فراغ ثقافي وفني إلا ما خرج به شباب المدينة. يمر في غياب تنشيط نظيف يُنقد المدينة من الصمت المريب، ومن البوليميك (الخاوي). قد نكون من دعاة: لا للمهرجانات الرخوة، التي لا تسوق حتى منتوجها داخل المدينة !!. قد نكون ضد المهرجانات التي تنشط يوم الافتتاح، ويوم الختم بشواهد ورقية تقديرية. قد نكون من دعاة المهرجانات الكبرى التي تسوق للمدينة ليس سياحيا فقط، بل في موضعها التاريخي والجمالي والفني والاستثماري.
حين كثر اللغو عن (مهرجان عيساوة …)، كان لنا رأي أولي في وجوب ترتيب أولويات المدينة المستحقة أولا. كان لنا رأي أن المال العام يجب يدعم جميع المهرجانات سواسية ودون تفضيل مهرجان (قشدة) النخبة على مهرجانات أولاد الشعب. كان لنا رأي يوازي تنظيم رؤية (مهرجان عيساوة…) موسم الشيخ الكامل زمن المولد النبوي حتى تكون الكلفة ضمن المعقولية.
اليوم، لا مهرجان عيساوة، ولا مهرجان حمادشة !! ولا مهرجانات الأفلام !! ولا مهرجان وليلي الذي تم وضع اليد عليه كليا من قبل مديرية جهة وزارة الشباب والثقافة والتواصل بفاس، رغم أن مدينة وليلي في حكم السيادة الترابية لعمالة مكناس، وقد يبيت ضمن خبر كان المبني للمجهول.
إنها بحق مدينة تعيش في زمن التهميش الكلي والمتنوع، ومجلس جماعي يعشق الصور ويغرد خارج مطالب الساكنة. مكناس المدينة تقع ضمن الرعاية الكبرى للسلطات الترابية، وهي الحقيقة في غياب أدوار تفاعلية لمجلس الجماعة، حقيقة لا يمكن تجاوزها بالحجب، ولا بالمناورات الفارغة، فلولا حركية السلطات الترابية في البحث عن مشاريع مهيكلة للمدينة وأخرى كبرى ( الأجنحة الطرقية…سوق الخضر…)، لكانت المدينة تعيش الكفاف في ظل مجلس لا يمتلك حتى رأي الإجماع على (ميزانية سنوية) !!
من صدق القول، أن يتم جدولة المهرجانات السنوية بالمدينة وفق معايير الجدية والأداء والأثر، من الأفضل أن تتدخل السلطات الترابية لجدولة مهرجانات مكناس بالترتيب طيلة السنة وبالتباعد التام. من صدق التخطيط أن يكون دعم المهرجانات عبر دفتر تحملات (صارم) وليس عن طريق شراكات مع مجلس الجماعة، تحمل حروف النصب (إن وأن… ولكن ) !! من حسن التدبير أن تتم المحاسبة والمساءلة عن أوجه صرف المال العام للمهرجانات في إطار المشروعية (المحاسباتية) لا صرف المال العام في الترف والبذخ الطائي بِحُفَرِ الفنادق.
أخيرا يَبقى يُتْمُ مدينة مكناس في الثقافة والفن، والمهرجانات الواعدة، يشابه وبكثير سياسة مجلسها الجماعي الذي لا يغالب الخلاف، بل يسعى بكل الطرق إلى خلق الفوضى المشروعة داخل الجلسات بلا نتائج موضعية. فحين تعلم أن برنامج عمل جماعة مكناس (2027/2022) صودق عليه بمن حضر في الجلسة الثانية من عرضه على الموافقة بعدد (21) ورفضه من قبل (4) فاعلم بأن العبثية تسكن المجلس، ولن تنقضي إلا بعملية (قلب الطرحة).
محسن الأكرمين يكتب