آخر الأخبار

قرار حكومي يؤسس لمرحلة جديدة في حماية الأطفال داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية

[بلادي نيوز.ma23 ديسمبر 2025
قرار حكومي يؤسس لمرحلة جديدة في حماية الأطفال داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية

م.خ
لم يعد ملف الأطفال الموجودين في مؤسسات الرعاية الاجتماعية شأنا هامشيا في السياسات العمومية، بل أصبح اليوم في صلب ورش اجتماعي كبير يعكس التحول العميق الذي يعرفه النموذج الاجتماعي بالمغرب. فبمصادقة الحكومة على مرسوم إقرار منحة شهرية بقيمة 500 درهم لفائدة هذه الفئة، تدخل الدولة مرحلة جديدة عنوانها الاعتراف بالطفولة الهشة كأولوية وطنية لا تقبل التأجيل.
هذا القرار لا يمكن قراءته فقط كإجراء مالي، بل كتحول في الفلسفة الاجتماعية التي تحكم تدخل الدولة. فالأطفال الذين نشؤوا داخل مؤسسات الرعاية ظلوا، لسنوات طويلة، خارج منظومة الدعم المباشر الموجه للأسر، رغم هشاشة أوضاعهم وتعقيد مساراتهم الاجتماعية. واليوم، يأتي هذا المرسوم ليملأ فراغا طال انتظاره، ويعيد الاعتبار لفئة كانت في أمسّ الحاجة إلى حماية مؤسساتية واضحة.
اللافت في هذا الإجراء هو أنه لا يكتفي بمنح دعم شهري ظرفي، بل يؤسس لمسار ادخار منظم باسم الطفل، يراكم طيلة فترة إقامته داخل المؤسسة، ليصرف عند بلوغه سن الرشد. وهو خيار يعكس وعيا بأهمية مرحلة ما بعد مغادرة مؤسسات الرعاية، حيث يجد كثير من الشباب أنفسهم في مواجهة مباشرة مع واقع اجتماعي واقتصادي قاسٍ، دون سند أسري أو موارد أولية.
ومن زاوية أخرى، يكشف هذا القرار عن توجه رسمي نحو توحيد معايير الإنصاف الاجتماعي بين الأطفال، بغض النظر عن الإطار الأسري الذي ينشؤون فيه. فالدولة، من خلال هذا الدعم، ترسل رسالة واضحة مفادها أن الحق في الحماية الاجتماعية لا يرتبط بوجود الأسرة من عدمه، بل بكون الطفل مواطنا له حقوق ثابتة تلتزم المؤسسات العمومية بضمانها.
كما أن اعتماد مساطر رقمية دقيقة لتدبير هذا الدعم يعكس حرصًا على القطع مع منطق العشوائية أو الوساطة، ويعزز مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. وهو ما يمنح هذا الورش بعدًا مؤسساتيًا يُراهن عليه في إعادة تأهيل منظومة الرعاية الاجتماعية برمتها، وليس فقط تحسين دخل المستفيدين منها.
في العمق، يشكل هذا المرسوم جزءًا من مسار إصلاحي أشمل يستهدف إعادة تعريف دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية، من فضاءات للإيواء المؤقت إلى محطات لبناء الاستقلال والاندماج. فالدعم المالي، مهما كانت أهميته، يبقى خطوة ضمن سلسلة إجراءات يفترض أن تشمل التكوين، والمواكبة النفسية، والإدماج المهني.
بهذا القرار، يضع المغرب حجرا جديدا في بناء دولة اجتماعية أكثر عدلًا، ويمنح أطفالًا بلا سند أسري فرصة أوضح للانطلاق في الحياة، ليس من موقع الهشاشة بل من منطلق الحق وتكافؤ الفرص.

الاخبار العاجلة