بقلم عمر اعكيريش
حين تطأ قدماك مدينة اكادير، ستشعر بأنك عدت من جديد إلى نقطة بداية الرحلة التي قطعتها، وبعبارة أوضح، ستشعر أنك في مدينتك ووطنك الأصلي، فأنت في أكادير نادرا ما تشعر بغربة المكان، واختلاف البشر من حولك، فالتماثل المطلوب لطرد أحاسيس الغربة والاختلاف ليس شرطا أساسيا في عاصمة سوس العالمة، فالابتسامة، وأناقة المشاعر، والأمن هو ما يبحث عنه كل زائر، وما دون ذلك مجرد تفاصيل يمكن التغلب عليها مع مرور الوقت.
شمس دافئة، وجو رائع على مدار السنة، مدينة ملونة بعمائرها وسكانها الذين مزجهم التاريخ بأمازيغ أصليين وبقية الأجناس من الشياظمة و عبدة ودكالة… وفدوا إليها بحثا عن فرص العمل ليطيب لهم المقام ويستقروا بجوهرة المحيط، وأخيرا تاريخ عريق من النضال والهمة الخارقة، سطرها صناديد المنطقة ضد الاستعمار الدخيل، لا يجد المرء بدا من الوقوف احتراما وإجلالا.
إنها حقا بيئة محرضة على المكوث، ما حدا بعشاق الجمال، ومنشدي الهدوء والسكينة، وسابري أغوار التاريخ إلى التوافد عليها من كل فج عميق للاستقرار أو الزيارة، لتضيق بما رحبت، ما يستوجب تكثيف الأمن..
أول ما شدني وأنا أجوب شاطئ أكادير خلال الفترة المسائية ما بعد الساعة السادسة على وجه التحديد، ذلك التواجد المكثف لرجال القوات المساعدة الرابضين بين نقطتي مارينا ومجمع الفنادق المحاذية للشاطئ، رحلة على الأقدام قد تبدو طويلة إلى حد ما، لكن شغف الاطلاع وجمالية المكان يختصرانها، ليتبدى على طول المسافة سيارات للقوات المساعدة تتخذ من نقط إستراتيجية مكانا ثابتا لها، أمام كل سيارة يقف عنصران في انضباط محكم، وبداخلها بعض عناصر للمناوبة، فضلا عن آخرين يجوبون المنطقة المخصصة لهم، ناهيك عن عناصر أخرى تعزز الأمن بكل مناطق المدينة حيث انتشرت في كل المحاور الطرقية والأماكن الإستراتيجية والحيوية بالمدينة، بالإضافة إلى محيط الفنادق المصنفة.
عناصر خرجت تؤدي دورا أمنيا هاما إلى جانب قوات أخرى من اجل أن تنعم ساكنة المدينة وزوارها بالأمن والاستقرار، وان كانت هذه العناصر لا تأخذ حقها الكافي من الإعلام، ما دفعني إلى تسليط بصيص ضوء، والتفاتة صغيرة لجهود جبارة وجب التنويه بها ولو بمقال لا يسمن ولا يغني من جوع.
مهما حاولنا حصر أعداد الوفود الزائرة لمدينة أكادير على مدار فصول السنة، فلن نصل إلى رقم تقريبي، خصوصا خلال فصل الصيف، ومع ذلك تنأى المدينة عن أي حادث يخرج عن المعتاد خلا بعض المناوشات البسيطة، والفضل يعود لرجال تجندوا لهذه الغاية، وأضاءوا شموع استقرار، أنارت ليالي المدينة فصيروها إلى جانب رونق جمالها محجا وقبلة للباحثين عن السكينة والهدوء..