بقلم عادل بن الحبيب
وسائل التواصل الإجتماعي هي في الحقيقية كذبة كبيرة ، لأننا لانشارك فيها لحظات ضعفنا وفشلنا و إخفاقاتنا وكل الأمور السيئة التي نمر بها ، نحن نشارك فيها الأشياء الجميلة فقط ، حتى أصبح يبدو لنا ان كل شئ جميل ، في حين ان الحياة الحقيقية شئ اخر.
في وسائل التواصل الاجتماعي، اصبح الناس يظهرون في أماكن جميلة، يرتدون ثيابا أنيقة وينعمون بحياة هانئة، يقدمون صورا رائعة عن أنفسهم وبيوتهم وأزواجهم أو شركائهم. يتقنون تصوير “فن التفاصيل الصغيرة” ويغرقون المواقع بتلك الصور “الجميلة”.
نكتب وننشر من أجل الحصول على الإعجاب فقط . وصلنا إلى حد الهوس بتصوير الذات وكافة تفاصيل الحياة اليومية واستعراضها.انه الهوس بالآخر …
ننشر فقط لحظات قوتنا و نجاحاتنا، لنوهم العالم بأننا بخير و اننا اقوياء و اننا لانمر بلحظات ضعف و فشل ،في حين أن الفشل اول طريق للنجاح و لا يمكن أن ننجح دون إخفاقات ، وأن الفشل شيئ إنساني و طبيعي .نعم وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت فلتر وفوتوشوب للحياة الاجتماعية الحقيقية ،تزين كل شئ ،الصور ، الأفكار، و المواقف..حتى ذكرياتنا أصبحت منمقة و كاذبة و مشوهة ،ومحفوظة فقط في ذاكرة الجهاز الذكي.
ساهمت وسائل التواصل في تصدير نمط حياة برجوازي تماما على أنه الواقع . الأخطر من ذلك، أن هذا النمط الاستعراضي/البرجوازي صار وسيلة مضمونة ومريحة لعدد ضخم من الشباب في أن يصبحوا مشاهير ،إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الشخص الذي يسوق لنفسه أو يستعرض حياته. فهذا النمط يخلق حالة سخط شديدة داخل نفوس الطبقات الاجتماعية الأقل حظا والأفقر وحتى أبناء الطبقات المتوسطة ماديا الذين لا يستطيعون مسايرة هذا الاستعراض البرجوازي الفج.
يرى الكثير منا شخصا ما على المواقع الاجتماعية، لديه وظيفة رائعة وزوجة/زوج ممتاز ومنزل جميل. وقد يشعر البعض بالسعادة تجاه هذا الشخص الذي يسوق لنفسه على انه محظوظ . لكن قد يشعر آخرون بالغيرة والاكتئاب، أو الرغبة في الانتحار هربا من حياتهم غير المثالية مثل تلك التي يرونها على المواقع.
مواقع التواصل الاجتماعي كذبة كبيرة ، لأنها تخفي ما نحن عليه في الحقيقية، فنحن نحاول الاقتراب بسلوكياتنا من الذات المثالية. وعلى هذا الأساس، يمكن اعتبار المحتوى الذي نتشاركه مع الآخرين انعكاسا للشخص الذي نريد ان يراه العالم وليس مانحن عليه.
نحن لم نعد نعرف كيف نبذل قصارى جهدنا في حياتنا الحقيقية للحفاظ على علاقتنا الانسانية ، وفي كثير من الأحيان، نعتمد على وهم التواصل الاجتماعي والفكرة التي نصدرها عن أنفسنا، وهذا ليس كافيا. لهذا أصبحت الروابط الإنسانية «خفيفة وسائبة وهشة»، ونحن الان بصدد خسارة المهارات الحياتية اللازمة لجعل علاقاتنا مستقرة و حياتنا حقيقية .