محسن الأكرمين.
لم أُؤْثر يوما الحديث عن رئاسة المكتب المديري للنادي المكناسي لكرة القدم، باعتبار مهمة الرئيس تكليفا وليس تشريفا. لم أكن أود أن أدخل في بوليميك تفاضلي بين (زيد وعمرو)، مادام المكتب قد تشكل بالتوافق والتراضي. لكني اليوم سأتحدث عن تجربة رئيس نقل النادي المكناسي موضع القانون المؤسساتي. سأتحدث عن رئيس استطاع أن يُلملم مجموعة من الاختلالات المالية والمديونية والارتجالية، ودفع بالفريق نحو التوازن والاستقرار، وتحييده من خانة (القيل والقال) بالقلة.
يوسف بلكورة شاب من رجال المال والتسيير. من أسرة عريقة بالمدينة، من أسرة دبرت شأن مكناس الجماعي. يوسف بلكورة شارك في عمليات الإنقاذ / الانتقالي التي قادها كريم العراقي رفقة جيل جديد من الوجوه التي غامرت بأسمائها في لعبة الرياضة الصعبة بمكناس. استطاع في ظل علاقاته التواصلية من نسج خيوط الثقة أولا مع الجماهير العاشقة للنادي، ثم ثانية مع مكونات السلطات الترابية والشركاء.
فحين تربع يوسف بلكورة على كرسي رئاسة النادي المكناسي لكرة القدم، كانت لحظها الولادة الثانية للفريق قانونيا في أوراق الجامعة الملكية لكرة القدم. كان حينها يدفع بالفريق نحو التدبير بالنتائج، وتحصيل الانسجام العمودي والأفقي، والرفع كذلك من قيمة مردودية النادي المعنوية والمادية من خلال مجموعة من الشراكات (والإعانات) التي زودت خزينة النادي بالدعم. حين جالسنا الرئيس يوسف بلكورة (يوما ما رسميا)، كانت ميزته الأولى حسن الاستماع والإنصات الفعال. كانت ميزته التواضع، وتحليل مجموعة من القضايا التي تهم النادي بمنطق الشفافية والحكامة. كان بحق رجل المرحلة، ويحمل رؤية متوازنة تجمع بين عمليات الإنقاذ، والتصويب التي يستهدف تطوير الأداء، والاعتماد على تخطيط قفزة نوعية نحو التدبير التشاركي البعيد عن التسيب والغرور.
من ميزة الرجل، قلة الحديث أو التباهي عمَّا يُقدمه للنادي. قد يكون الرجل ليست له اليد الواحدة في إخفاق النادي عن موسم الصعود، وإنما كان همه الأساسي إنشاء بنية تحتية يستحقها النادي، وتتوارث قانونيا. كان همه المستقبلي إنشاء مورد بشري متمرس ومتماسك في الشدائد. كان همه التدبيري في التخطيط العقلاني، وتحييد كل المشاكل المالية والخلافية العالقة بالفريق.
قد يكون إخفاق النادي في عدم الصعود من بين المسببات الأساس التي دفعت يوسف بلكورة نحو ممارسة حقه القانوني في الاستقالة وترك سفينة النادي للتداول الديمقراطي. قد تكون هنالك أسباب رديفة في إكراهات جانبية، ومطبات مصطنعة لصناعة العثرات المميتة. قد تكون هنالك مشاغل الرجل المقاولاتية والأسرية، والتي فرضت عليه وقفة ختم، وإعلان الاستقالة. لكن الرجل وبذكاء المدبر الحكيم برر استقالته (بسبب العديد من الأسباب (ولم يذكرها)، والظروف الشخصية والموضوعية…). نعم، هي أسباب ذاتية وأخرى لم يكشف عنها، ولم يربك مكتب النادي مستقبلا، بل بكل شفافية ووضوح استقالة من رئاسة النادي.
استقال يوسف بلكورة، ولم يترك سفينة النادي المكناسي نهائيا. استقال وترك الخلف يحمل رؤى التغيير، وسنة الرقي بالنادي نحو الأفضل. استقال وتم تحديد تاريخ : 18/07/ 20022 كموعد لعقد الجمع العام، وإفراز مكتب جديد.
أعيد للمرة الثانية، لم أكتب عن يوسف بلكورة كلمة مدح يوما، ولا كلمة إثراء طيلة موسم رئاسته للنادي. لم أسوق صورته بتاتا، بل كنت أقول الحكمة في لم ّ شتات النادي المكناسي، وفي نهايات الخواتم. الحكمة في الرقي بالنادي نحو القانونية والتأهيل للصعود. الحكمة في التدبير التشاركي للفريق. الحكمة الأخير في إنقاذ النادي من مجموعة من الاكراهات المالية الموسمية. الحكمة في الثقة التي صنعها في الوسط الرياضي بمكناس وأمام الشركاء، و تجاه السلطات الترابية. الحكمة في موسم الأيادي النظيفة التي تزيد ولا تنقص.