آخر الأخبار

مجلس ليلة القبض على الحرية

[بلادي نيوز.ma27 نوفمبر 2025
مجلس ليلة القبض على الحرية

BELADINEWS.MA

حين تصلب وتذبح الأخلاق في حضرة ومجلس الأخلاق، فذلك عنوان عريض وبارز للسقوط الأخلاقي، وحجة دامغة على كون هذا السقوط والانحلال والتفسخ والانحطاط قد وصل مداه.
ساعتان من الإسفاف لمتحلقين حول مذبح في غرفة تعرقت حيطانها بما قيل وتكدر طلاقها غيضا، وبكت طاقاتها بكاءً حارقا وشديدا شاكية أمرها للأحياء والأموات من شدة وهول انحطاط لجنة الأخلاقيات في ليلة التغياز والقبض على المهداوي في صيغتي المفرد والجمع.
ساعتان كانت كافية لتؤكد أن معاداة حرية الصحافة والاعلام، عقيدة متجذرة تنبعث وتطفو على السطح كلما كان الجسم الصحفي يمر من أزمة يتقاطع فيها الذاتي والموضوعي. ولعل “لجنة الأخلاقيات” وسفالة أخلاقها دليل قاطع على استفحال وقوة الداء الذي ينخره ويجعله عاجزا عن مواجهة المتربصين والمتسللين والمتنكرين الذين يريدون كتم أنفاسه ومصادرة عقليته النقدية، ومهنيته الموضوعية، واصطفافه إلى جانب الحق والحقيقة، وفضحه للفساد والمفسدين بمختلف الألوان والأشكال، وأن يشكل سلطة رابعة قادرة على المضي قدما في تعزيز وترسيخ حرية الصحافة والاعلام، الذي يعتبر حقا من حقوق الانسان. وبالتالي فإن ما وقع هو تمظهر لصراع عميق وقوي ومعقد بين قوة أو قوى تريد الهيمنة على الحقل الإعلامي، ليكون في خدمتها وبوقا لها وسيفا مهندا مسلطا على أعناق من يخالفها أو يعاديها. وهي تلك القوى التي تقف خلف مشروع القانون المنظم للمجلس الوطني للصحافة، وقوى ناضلت وكافحت وما زالت -على نفس الخط والاختيار-، تكافح من أجل حقل صحفي وإعلامي حر، يلعب دوره الاستراتيجي في بناء دولة ومجتمع ينعم بديمقراطية حقة وحرية للرأي والتعبير وفق الضوابط والاخلاقيات السامية المتعارف عليها دوليا في مجال حرية الصحافة والنشر والاعلام. يعني مؤسسة مجلس وطني للصحافة تحترم تعدد واختلاف المجتمع وتجعل من الصحافة رافعة للذوق والرأي العام في نبل السياسة والاقتصاد والثقافة والرياضة والفنون… وفي محاصرة الفساد وتقويض أركانه.
إن معركة الصحافة والاعلام اليوم أكبر من قضية بطاقة تسلم لمهني ما في رقعة ما داخل هذا الوطن.
إنها معركة هوية دولة ومجتمع يشقان طريقهما نحو المستقبل في عالم لن يكون فيه مجال للهشاشة الصحفية والإعلامية، ولن تصمد فيه عقلية القمع والهيمنة وسطوة المال.
ساعتان من القرف والتلذذ المقزز في نهمش الذات، والقهقهات البديئة، والمس بحرمة وعفة أركان العدالة في مشهد عبثي يعكس ويفضح هذه الزمرة التي تريد السيطرة والهيمنة الكلية على مجلس جاء نتيجة سيرورة عقود من التضحيات الجسام لأجيال نقشت على الحجر حرية الصحافة والاعلام.
قضية المجلس الوطني للصحافة هي قضية كل الأطياف وقوى المجتمع التواقة لترسيخ وتعزيز حرية الرأي والتعبير، وصيانة المجلس من الانحراف والتحول إلى أداة لتكميم الأفواه والتآمر على الأصوات الحرة.
مغرب اليوم والغد بحاجة حيوية لنخب تتحلى بأخلاق عالية من النبل، تقطع مع خوض الخائضين، تحب هذا الوطن حتى وإن قسا عليها. لا تقبل التطبيع مهما كلفها ذلك مع الفساد والمفسدين الذين يقبعون خلف أقنعة براقة يتحينون الفرص للانقضاض على الوطن ومؤسساته لإشباع جشعهم اللامتناهي. إن مستقبل الشعوب والأمم والدول والمجتمعات يبنى بالحرية وتسقى فسائلها بروائها وتضمحل وتتقهقر وتنهار بتجفيف منابع رواء الحرية.
من توقيع الأستاذ يوسف مكوري

الاخبار العاجلة