متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين.
في مكناس هنالك مجتمع مدني يمارس بكثرة بذخ الكلام المباح (اشحَالْ قدكْ من أستغفر الله يا البايت بلا عشَا). يمارس الدعاء والأدعية التمسحية والتملقية، وقد يقول وراء الأسياد (آمين) ويقتنص الفرص والتموقعات!!! في مكناس يَشْكل علينا التمييز بين المجتمع المدني من طينة صناع التغيير، وبين تمييز (نص/ نص) ما هو سياسي، وما هو بفاعل مدني/ جمعوي!!!
في مدينة الأعاجيب حدث ولا حرج، فقد يستفيق المجتمع المدني وينهض من تحت التراب، كي ينتقد الحاضر، وينظر لجدوى المستقبل برؤية التموقعات، واحتلال المواقع البارزة. في مكناس الكل يشتغل على نفس المواضيع والمجالات، حتى تم إنهاك التنمية بلغو الكلام. في مكناس تكثر الصور المليحة، والكلمات الرنانة، وحين نرجع للواقع نجد أننا نتحصل على نقطة الصفر من الأثر، ورسوب جل المرجعيات الآتية بمتغيرات التنمية. في مكناس يغيب الدعم (المعنوي والمادي) بالشفافية للجمعيات والمجتمع المدني، ولكن إذا أحسن التنظيم الولاءات، وقراءة الصفحة الوحيدة للدعم بتقليب التقبيل والتمجيد ينال الحظوة، وينال الرضا والتسييد والتقديم، والدفع به إلى الأمام.
في مكناس، مجتمع مدني ينخرط بالتفاعل في تقزيم المجتمع المدني الآخر، وينال منه المكيدة السياسية الحسنى والتوجيه المكهرب، وترييب اللاحق منه بالمشاكسة. في مكناس يبدو أن المجتمع المدني يكثر الثرثرة، بينما محب الاختصار (قاضي حاجة)، ويعرف (من أين تؤكل الكتف الرطبة) على طول الخط المتوازي. مجتمع مدني يشتغل على المشترك من مطالب المدينة (محاربة الهشاشة/ التدبير الممنهج /التسيير الديمقراطي…/ سياسة التمييز والمفاضل (مثلا نموذج المرأة…)/ تأهيل الإنسان /تحديث المجتمع…)، ويختلف في بنيات وآليات الاشتغال والاستهداف، والغايات و منافذ الاملاءات العليا، وحين تنتهي المهام نجد أن جلَّ وجوه المجتمع المدني قد صارت من الوجوه السياسية وباتت تخطط للمكن والتمكين، لكنها ترتقي نحو قول (نحن/ أنا ومعي الرئيس !!!)، وباتت آلة طيعة لقول: (نعم) وَحَيدتْ من قاموسها اللغوي قول: (لا) !!!
قد نحارب التنميط في انشغالات واشتغال المجتمع المدني، ولكن هي مكناس التي تُنتج (الاستنساخ)، ولا تحيد بتاتا عن سياسة التطويع والتركيع وصناعة العراقيل، والعمل وفق خطة دفاعية (كم من حاجة قضيناها بتركها)!!! قد يكون المجتمع المدني أحد الرهانات الكبرى للتنمية بالمدينة والحكامة المجالية إن بحق أحسن الرؤية المدنية الهادفة ومتسعات مداخل التنمية التفاعلية، لكن ليعقوب (عليه السلام) كلام آخر وجيه، ولازال يُستحضر ضمن السياسة بمكناس والعمل المدني:” بأن يتفرق القوم ويدخلوا من أبواب متعددة ” للسياسة والعمل المدني الجمعوي!!!
لا علينا، فمن المجتمع المدني والجمعوي من له الريادة، والسبق والقوة والتميز، وأضحى يمثل أحد الرهانات التنموية والثقافية والفنية بالمدينة بحق عمل الجودة والجاذبية المدنية، من تم كلامنا لا يستقيم إلا بالاستثناء والتمييز، لا يحتمل بدل الخطأ حتى مع ذواتنا!!! من الصعب أن المجتمع المدني بغالبيته في مكناس، لازال مُغيبا عن تجويد حياة الإنسان، وضبط حقوقه، وبناء رؤية التنمية المندمجة ومحاربة الهشاشة، وممارسة رقابة الحكامة. فالحديث المدني عن التنمية يستوجب تلبية مطالب الحاضر لا الحديث عنها بالطوباوية وفي لاهوت الكلام والسفسطة المقيتة، ومواسم ومهرجانات الأضواء.
اليوم باتت أدوار المجتمع المدني تتطلب الخروج من النمط التقليدي التكافلي والتضامني، نحو ثقافة المبادرة المواطنة الفاعلة (أن نكون أو لا نكون !!!). وهذا بخلاف التوجه العام بالمدينة. قد يكون رأينا الخاص أن هذا الإشكال هو من نتائج محدودية التنمية الذي ترفعها الدولة كشعار لمحاربة الهشاشة وبناء الثقة والانطلاق نحو صناعة الرفاه للجميع. رأينا الخاص أننا نريد مجتمعا مدنيا/ جمعويا يقول: لا للازدواجية ! يقول: لا للفساد ! يقول لا للتمييز ! يقول: لا لتنقيط المجتمع المدني، وتصنيفه بين الصالح والطالح !!!