آخر الأخبار

مكناس واستشراف رؤية جديدة لمهرجانات

[بلادي نيوز]9 يوليو 2025
مكناس واستشراف رؤية جديدة لمهرجانات

متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين.

مازالت مهرجانات مكناس تجتر وتجر نفس الأعطاب البنيوية المستديمة. مهرجانات يتم تدويرها -(روسيكلاج/ Recyclage)- باستمرار في كل المواسم والاحتفالات والمواقيت وبنفس المقاييس والمواصفات والإخراج، وكأن المدينة لا تتطلب أنفاسا أخرى من التجديد والابتكار، ولا استحضارا للذكاء الفطري والصناعي، بل ترضى دائما العيش في جلباب التكرار ومقولة (اقْضِي بَلِي كَايَنْ !!!).
حقيقة أكيدة تُمرغ أنف المدينة عُنوة، حين لم تصل مكناس إلى نقطة بداية الاستقلالية الثقافية والفنية، واللعب على تخليص المهرجانات من الإملاءات الأفقية (الجهوية/ المركزية)، فاليوم وغدا ستستهلك المدينة فقرات مهرجانات تُنقش تصوراتها خارج أسوارها السلطانية، من تم قد لا نستوثق في المستقبل تغييرا ممكنا من المهرجانات الآتية بالمظلات التحكمية، بل أكيد ستبقى السطحية والرداءة هما أصل الصناعة الفنية والثقافية عموما بمدينة قانعة طيعة!!!
هُمْ بالكثرة غير المحصية بالتوثيق ممن استفادوا من ريع مهرجان ما بالمدينة !!! لا يعجبهم بتاتا رأينا المتواضع في النقد الآليات الانتفاعية، وتفتيت خلفيات تلك المهرجانات (يوم الافتتاح ويوم الختم والتكريمات) ، و التي لا تصنع حتى الفرجة والترفيه. نعم، قد يقولون: أن المدينة مستهدفة في تَبخيس منتوج مهرجاناتها الوظيفية والموضوعاتية، والتي تحقق نجاحات تقاس فقط على الورق، وفي تقويم (ما تبقى…من الفائض الواجب استهلاكه)!!! لكنا نؤكد بالمطلق غياب مؤشر الاندماج الفعلي لمهرجانات مكناس في الصناعة الثقافية الحصرية، والتنشيط الفني السليم، والتسويق الراقي بالمدينة. فجل إن لم نقل كل المهرجانات المتراكمة والكمية، لم تعمل بتاتا على الانتقال من سياسة الدعم واحتضان الدولة المؤسساتية والسياسي لها!!! إلى منطق الإنتاج الذاتي المستديم بالتطوير والضبط، بل بقيت وفية في نيل رعاية الدعم (المال العام)، والاستفادة من حجم الفراغ الفكري والفني بالمدينة !!! والفعل الثقافي السطحي والمعطوب بمكناس !!!
قد تمتلك المهرجانات الكبرى القوة الناعمة في قدرة التأثير على التنشئة الاجتماعية (بالإيجابية أو السلبية)، و قد تعد الرافعة الاقتصادية والتنموية في الإشهار، و لما لا الانخراط في شق التنفيس الحقيقي لذاتية سخط الشباب على الوضعية المتوحشة ( نموذج طوطو/ مهرجان موازين الرباط) !!!لكن، من سوء حظ المدينة الذي يلازمها حتى ذاك التنوع في مهرجاناتها يحمل قضايا التسطيح واستغفال الثقافة والفن في التعويم (التنشيط الهجين) !!! فعندما تغيب المعرفة بقضايا المجتمع الرصينة، تبيت المهرجانات تماثل (كرنفال) الضجيج القاتل، ونوعية من استعراض مظاهر أشعة الإنارة الفاتنة والمتموجة عند منصات العرض، لتغييب الفن والمناولة النظيفة، و العمل على تسويق الرخاوة الفنية (الفولكلورية).
قد يكون ارتباط النقاش البديهي الركيز في استدامة معروضات مهرجانات مكناس في النمطية، وفي غياب ضرورة تحقيق التطوير الذاتي والآلي، وتحقيق الاستقلالية التدبيرية (غياب التحكم الجهوي) والميزنة، وتنويع رؤية الإبداع الثقافي والفني، ونوعية الحمولة القيمية والاجتماعية نتيجة التحولات العميقة.
اليوم مهرجانات مكناس لا بد أن تتحول من مفهوم الدعم (السياسي واللاسياسي/ الدولة…) إلى دعم ذاتي لإنتاج مهرجان يمثل رغبات المستهلكين والمريدين، والعمل على الاشتغال وفق بيئة صحية من الشفافية وتقويم الأداء والأثر بمرجعية الحكامة!!! نعم ننتظر من مهرجانات مكناس: التأسيس لوعي جمالي جديد لا يحتمي فقط بالتراث والماضي!!! وكذا العمل على تشجيع الرعاية الفنية والثقافية من قبل المؤسسات الاقتصادية، لا مؤسسات الدولة المانحة!!!
لا أحد ينكر بأن المهرجانات كنز استراتيجي في تحقيق التلاؤم بين تحديات الحاضر و رهانات المستقبل، وفي خلق إشعاع ثقافي وفني شامل بالتوازن مع متغيرات المجتمع. هنا نقول: أن الارتقاء بمهرجانات مكناس لتصبح بدائل تنويرية إشعاعية ورافعة ثقافية وتنموية، يحتاج إلى الكثير من الجهد المضاعف، وحتى ذكاء قرارات إقصاء مهرجانات الريع (حلال) ليس بالتعسف والاستئصال، بل بالمساءلة والمحاسبة (عمَّا تم، وما لم يتحقق من المال العام) !!!
نعم، يكفي مهرجانات مكناس من سياسة الدعم المعطاء بلا حسيب ولا رقيب من مؤسسات الدولة الدستورية!!! نحو التفكير الجديد في أشكال التسويق والاحتضان الاقتصادي والاستثماري (نموذج مهرجانات بالأداء)، الموجه نحو فئة من جمهور يؤمن بوظيفية الجمالية لا الاستهجان الفني السمج!!! حقيقة لا بد منها، ويجب الارتكاز على محورها الضيق، فقد نقول: بنهاية سياسة الدعم السخي، مهما كانت نوعية صنابير سقاياته الوفيرة (المحلية/ الجهوية/ المركزية…)، نحو بديل جديد يتطلب الإصلاح الفعلي، والبقاء للأفضل من المهرجانات، والجواب عن سؤال: ما نريده من جيل يعشق لغة (طوطو) !!!

الاخبار العاجلة