مواكبة: أنوار العسري
تحولت شوارع ومدن شمال المغرب، وخاصة المناطق السياحية، إلى فضاء مفتوح لظاهرة التسول التي باتت تأخذ أبعادًا مقلقة، في مشهد يسيء إلى جمالية المدن ويؤثر سلبًا على راحة الزوار والمصطافين.
في كل زاوية، على قارعة الطرق، أمام المطاعم والمقاهي، وحتى عند إشارات المرور، يصادف المواطنون والسياح جحافل من المتسولين، منهم أطفال ونساء وشيوخ، يمدون أيديهم طلبًا للمساعدة، في مشاهد تخدش الحياء العام وتُشعر الزائر بعدم الأمان والارتياح.
الأخطر في الظاهرة هو ما يُعرف بـ”الطلبة الحاملين للألواح”، الذين يظهرون بلباس تقليدي مموه، وجلباب معدني الطابع، يوحي بالتدين والتقوى، لكن في واقع الأمر، يتبين في كثير من الحالات أن الأمر مجرد غطاء لأسلوب احترافي في استدرار عطف المواطنين، وتحقيق مكاسب مادية بشكل يومي يفوق ما يجنيه أي عامل شريف.
وقد أثارت هذه الظاهرة، التي باتت تتخذ طابعًا شبه منظم، استياء واسعًا في أوساط الساكنة المحلية، التي تؤكد أن كثيرًا من هؤلاء لا يندرجون ضمن الفئات المحتاجة فعلًا، بل يمتهنون التسول كأسلوب عيش دائم، ويستغلون الأطفال والرضع في عملياتهم لكسب المزيد من التعاطف والمال، في انتهاك صارخ لحقوق الطفولة.
وفي ظل تنامي هذه الممارسات، يطالب مواطنون وسياح على حد سواء بتدخل عاجل من الجهات المختصة، من أجل التصدي لظاهرة التسول المنظم، وتكثيف المراقبة، خاصة خلال ذروة الموسم السياحي، حفاظًا على صورة المدن الشمالية، وضمانًا لكرامة الإنسان، سواء كان محتاجًا حقيقيًا أو مستغِلًا للوضع.
الظاهرة لم تعد عابرة، بل باتت تفرض نفسها كأزمة اجتماعية وأمنية وإنسانية، تستدعي مقاربة شاملة، تدمج بين الزجر القانوني والمواكبة الاجتماعية، لتجفيف
منابع التسول، وحماية صورة المغرب في عيون زواره.