مراسلة : عبد العزيز مضمون
في ظل ما يشهده العالم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط، من تحولات جذرية على مستوى التسلح، الذكاء الاصطناعي، والتقدم التكنولوجي، يطرح الواقع علينا سؤالاً مؤلمًا: أين نحن من كل هذا؟ ولماذا نستثمر طاقتنا وأموالنا في مهرجانات استعراضية بينما تتسابق الأمم في إنتاج العلماء، وتطوير الصناعات الدقيقة، والرهان على الأدمغة بدلاً من الأضواء الزائفة؟
إن ما يجري في الشرق الأوسط اليوم ليس مجرد صراع جغرافي أو سياسي، بل هو استعراض حقيقي لقوة المعرفة. الدول التي كانت قبل عقود تبحث عن مكان لها بين الكبار، أصبحت اليوم تنافس في مجالات دقيقة كالذكاء الاصطناعي، الفضاء، والتقنيات الدفاعية المتقدمة. هذا التقدم لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة لاستثمار حقيقي في البحث العلمي، في تكوين علماء، وفي إنشاء بيئة تحفز الفكر الحر والإبداع التكنولوجي.
في المقابل، ما زال البعض يعتبر أن “شهرة مغنٍ” أو “نجاح مهرجان” هو دليل على النهضة الثقافية، بينما نغرق في التفاهة ونمنح المنصات للأصوات التي ترد بـ”الطراكات” و”الكلاشات” عوض أن نحتفي بمن يصنع الفارق في المختبرات وقاعات البحث.
لن ينفع الوطن يوم الشدة هؤلاء المغنيين من رموز البهرجة السطحية. إنهم ليسوا أدوات بناء، بل علامات على زمن يحكمه الاستهلاك بدل الإنتاج، والمظاهر بدل الجوهر.
نعم، نحن أمة كانت “أمة اقرأ”، وأصبحت اليوم، بكل أسف، ضحية لجهل ممنهج، تدفع فيه العقول المبدعة إلى الهامش، ويُحتفى بالسطحيين كأنهم نجوم يهتدى بهم. لكن لا يزال الأمل قائمًا. فصحوة الوعي تبدأ بالسؤال، وتتجسد بالفعل: متى نستثمر في من يفكرون بدل من يرقصون؟
