محسن الأكرمين.
أسميك في السر”سنة سعيدة”. وأرسم أرقامك في الصمت”2022″. ثم أكتب قلبي رسالة حب لكم جميعا بلا استثناءات. لن أمزق ما تبقى من رسائلي، لن أتركها تحترق وتتصعد علوا كدخان المدائن، فهي تضمن مداد أحداث من الفرح والحزن. هي مثل الحكايات الأزاهير التي تتراقص أمام موعد اشتعال شمعة سنة جديدة (2022)، وإطفاء نور نهاية ساعة منتصف ليلة سنة (2021). هي متمثلات انتهاء رصيد تعبئة سنة أخرى من الحياة بالحرق والنفاذ. سنة تبدو تبتعد مثل الوجع الصارخ الآتي من فوق الجسر، والنابض بالحب والموت والحلم. فكم كان يولد الأمل بأهداب الوطن من زمن الورد والشوك في كل سنة ماضية وقادمة.
نسميك في السر”سنة سعيدة 2022″، ونمسح زمن سنة تنازلية من عد الحياة. نسميها في السر “سنة آفلة بالنهاية”، وقد نخفض الرسالة عن جدران غرفنا، لتحكي لنا عن مسطحات الذكريات الناتئة، والباقية عالقة بالذات والعقل. نسميه التاريخ الذي ما انفكت يمضي بالسلم والحرب مع الحياة. هي الذكريات التي تجيء وقد تؤدي، ومرات عديدة قد لا تؤدي. فحين نحب دمع البكاء المالح في مرمى الحزن نتذكر أحداث ماض بعينه. فكم”كانت تلك الخدود الموردة تزداد حمرة، عندما تكون بالوجع مترعة، فقد كانت تحب أن تنفض وجعها مثل نفض الغبار ودخان البارود عاليا، كانت مرارا تصرخ في وجه الوجع الفادح من فوق الجسر”.
الذكريات التي تجيء ولا تؤدي، فمن دمعها تنبع الأنهار في السنوات العجاف، ومنها تتوزع روافد العشق “مترعة بالورد والأزاهير والبارود”. الذكريات تجيء ولا تؤدي، تحتمي مرارا وراء دخان الحرائق بلا نار، وكم من مرة تجعل من التاريخ شراعا هاربا يجاري مياه العمر، وقد تأتيه الرياح بما لا يشتهيه الربان المتردد.
هو التاريخ الذي يجيء ولا يؤدي، وقد يؤدي بين بداية الولادة، والنهاية بالموت. فمن له بداية له نهاية حتما. هو التاريخ الذي يتحول حبرا رائعا في مداد قصص العشق، والوجع خلف أسوار المدافن. فكم ” كانت تنبض الحياة نبضات، حين لا ينام التفكير، حين نستشعر أن أحلامنا توقظنا بالولادة، تعاتبنا، ترجنا رجا بالموت، وتسألنا: أينكم في الوجود؟ نستيقظ جميعا من نوم الغفوة نحو موت الحقيقة، وننظر بمذكرة الماضي فتسقط دمعات متسرعة على مرمى ركب تشييع الحياة.
الذكريات التي تجيء ولا تؤدي، ومن زمن عطر حب الوجع الطفولي، وقد تبقى مثل الخالدات السبع. ولم نقدر على أن نمزق أبدا صورها حتى وإن كانت تؤدي مشاعرنا العاطفية، فهي بوجه المخالفة تحفز نحو تتميم مورد الحياة !!! قد نعتقد بالجزم أن تبقي الذاكرة نشطة ولا تحتاج إلى من يستفزها للكلام المباح، لكن حين يسيل التفكير عمقا في معترك رمال الفرح والحزن، قد نستل سيجارة شقراء وندخنها بلا نار حرائق، ونحرق نبض الحياة حد المصفاة.
الذكريات التي تجيء ولا تؤدي، وقد تؤدي بلغة البياضات الصامتات !!! قد لا ندري ما ملمح جمالية أو قبح (سنة 2022)؟ أهي باسمة في ليلة عيد ميلادها ؟ أم دمع شمع نهاية (سنة 2021) قد أبكاها ؟ فكل السنوات تحمل باقة حب من الوجع الجميل الطري، والذابل قدما في مجريات الحياة. قد يكون عندنا وجع حب الحياة مثقال ذرة آهات يحملها القلب والجسد، وتوازي حكايات الأزاهير الطللية. لكنها، الأقدار تأتي” بما تشتهيه الذكريات بالمفاضلة بين الفرح والألم، فحين نكتب صورتها في عمق القلب ثم نؤمنها حيطة”، تأتي وتقف تحت رذاذ مطر الدمع بلا مظلة منشفة ونقول:” يا رب قلبي لم يعد كافيا، فلا تسألوني عن عيد ميلادي، فلا أفطن إلى إيقاعات المواقيت، ولا إلى أسماء السنوات، فالذكريات باتت مثل الموت والولادة صعب أن تعاد مرتين”.
الذكريات التي تجيء ولا تؤدي، وقد تلعب ضد كل اللاعبين في سجل التاريخ بالحرب والسلم. قد نقول: كانت سنة (2021) “تلامس وجه الأرض بقوام خفة الأنثى الهيفاء، وبغبار موت الفواجع”. من كلمات الماضي قد نتعرف على نفسية السنة الجديدة في التأريخ وهي آتية متبخترة ومتموجة، وما تنفك تمضي هي الأخرى بالأفول التنازلي. لكن حتما أقول جميعا لكم : “سنة 2022 سعيدة “.