متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين.
قد لا نختلف البتة في تنظيم مهرجان بديل، يمثل ملمح مدينة مكناس اللامادي والتاريخي، ويقفز عن تلك المهرجانات التي تستنزف ميزانيات الدعم الثقافي والفني بلا فائدة أثر موضعية. قد نؤيد تنظيم مهرجان عيساوة في أي نسخة ترتيبية (1) أو تراكمية (5)، ونعتبر ذلك من المطالب العادلة للعودة بالمدينة إلى وضعية صياغة رؤية ثقافية رزينة وذات جدوى وجاذبية، وتستوفي الإجماع لا التفرد والإقصاء. بحق فالمدينة تبحث عن وجه قوة لا وجه اختلاف وخلاف، تبحث عن تجسير الاستمرارية في التنزيل والتفعيل، حتى ولو في غياب الدعم والتبني الجهوي. المدينة تبحث عن وكالة مؤسساتية تدير المهرجانات عموما، وتقلل من فجوات تسرب مال الدعم (العمومي) لأغراض غير المخصص له !!!
مهرجان عيساوة، كانت فكرته الأولى تروم البحث عن علامة حصرية لملمح مكناس التنشيطي والترفيهي والثقافي والتسلية بالمعقولية. فقد اختمرت الفكرة (مهرجان عيساوة) كبديل عن مهرجان مكناس (النسخة الرابعة)، والذي كان يسير في خطوات التثبيت والتحصين كعلامة صيفية بالمدينة تتحمل مسؤوليته جماعة مكناس في قسمها الثقافي.
التاريخ لا يرحمنا في التوثيق والفضح، ولا يبقي المسكوت عنه منحصرا في الزوايا الضيقة، بل بحق كانت فكرته عبارة عن إرهاصات وخلاصة نقاشات استوفت كل الجوانب ( الرؤية التنظيمية/ الأهداف المستهدفة/ البرمجة والتنوع الثقافي…)، وجعلت من المهرجان رؤية عالمية موسعة للثقافات، و عمليات كبرى للتلاقح الثقافي و الفني والحضاري. فكانت حاضنة المشروع وفكرته الريادية من طرف الفنان ولد سيدي عمرو أمير علي.
نعم، قد لا نتجاهل هذا الاسم، ولا نتغافل عن الفنان أمير علي، قد لا نقفز عن فكرة مشروعه الأولي النظري، والذي وسع في إستراتيجية صناعة حافزية نهضة بمدينة مكناس، وجعلها قبلة فنية عالمية في أيام المهرجان وغيرها من أيام السنة. اليوم، يتضح عبر متابعة بعض النقاشات الجانبية (الهامشية) في أفق تنزيل مهرجان عيساوة (النسخة الخامسة !!!) ، تحييد الفنان أمير علي كليا من هياكل المهرجان الكبرى، تحييده حتى ولو بتقليده (المدير الشرفي للمهرجان)، وبخس رؤيته في الفكرة والتوضيب والتحقيق.
لا علينا فما لعمرو فهو لعمرو، وما لأمير فهو حصري لعلي، ولا مزايدة عليه وتهميشه كليا. لنقلل أولا من فجوات الاختلافات بالسبق، ومحاولة الاستئصال لفنان كان له الحس الفني التسويقي للمملكة المغربية بأمريكا، لفنان عمل بحب المدينة ومسقط الرأس، وكان يريد أن تكون فكرته (مهرجان عيساوة للثقافات) البوابة الأولى لتسويق المدينة عالميا وسياحيا واقتصاديا.
اليوم، وقبل الفصل التام في رؤية مهرجان عيساوة، لا بد من رد الاعتبار الموضعي والمعياري للفنان أمير علي، والبحث عن التوافق بدل سياسة الإقصاء التي تفسد الحرث كأداء والدَّرْسَ (بتخفيف حرف السين) كأثر للمهرجان. يوما ما اختلفت مع الفنان أمير علي في الرؤية والتفكير، لكني ورغم ذلك فقد أعتبره من فناني المدينة الذين أحترمهم بالتقدير، وأقدر أعمالهم الفنية على الصعيد الوطني والدولي.
ملاحظة: الصورة (2019) من صفحة الفنان علي أمير بالموقع الاجتماعي (الفايس بوك).