آخر الأخبار

تعزية: إلى روح أحمد احساين أسكنك الله فسيح جناته.

[بلادي نيوز]8 مايو 2025
تعزية: إلى روح أحمد احساين أسكنك الله فسيح جناته.

محسن الأكرمين.

لم تكن صلتنا بالمرحوم (أحمد احساين) ولد (خالتي منانة) الله يرحمها بكرمه الفاضل، كما يصبو علينا مناداته، لشدة تعلقنا بتلك الجدة التي كانت رمزا منيرا بالخير، والعطاء بحي الزيتون العامر. المرحوم )أحمد احساين) الأمني السابق المنضبط بالامتياز لخدمة الوطن والمواطنين، ولد القبيلة بامتياز النشأة والأصل الطيب، وهذا العرف في التسمية بقي بيننا حاضرا، وفيه مرجعية تاريخية يستغرق الحديث فيها طولا وعرضا.
كان رحمه الله، يحمل ابتسامة طيعة مستديمة، عزيز بالقلب والجوارح من جميع قاطني حي الزيتون الكبير، وما جاوره من الأحياء العريقة. ابن حي بوقطيب الصغير في روافده الكبير برجالاته، والذي يحمل ذكرياتنا الصغيرة والكبيرة. حي تربينا فيه كأسرة واحدة بالاتحاد والتآلف، وكانت كل الأبواب مفتوحة أمام الجميع.
المرحوم (أحمد احساين) كان من اللاعبين الكبار في كرة القدم بحي الزيتون (تشهد عليه تيرة اجبالة) بالذكريات. لعب آنذاك في عدة فرق من الهواة (التسمية الجديدة)، وكان إبداعه الأنيق في فريق الدفاع لعبا وتسييرا. المرحوم، كان لنا نموذجا في الأخلاق والسيرة الحسنة، لم يكن أحد منَّا يقدر على رفع العينين أمامه، ليس بالخوف بل لشدة الاحترام. كلامه يحمل المصداقية والعقلانية، وإذا نهانا عن أمر كنا له تاركين في حينه.
اشتغل المرحوم في السلك الأمني، فكان نعم الضمير الحي، ونعم حُسن التصرف والرزانة. بعد تقاعده كان شُغله الشاغل فعل الخير والمداومة عليه، والسعي إلى المبادرات ذات روح العناية الأخلاقية الفضلى. كان رحمه الله يعشق الحي حد الألفة والانسجام. كان رحمه الله، لا يوقف رجليه عن عيادة أي منَّا في الحي والمواساة في الضراء، والفرح مع أهله في الحي في السراء.
من بين ما أذكر من تاريخ الصغر، كُنَّا في مباراة كرة في (تيرة اجبالة) وفي منافسة مع فريق من (الديور الجداد)، وكان من بين اللاعبين في الفريق الخصم لاعب يستعمل الخشونة حد الإفراط والتفريط، لا أذكر اسمه، ولكنه كان شبيها بطالوت وجالوت. ونحن، في اللعب ارتكب صاحبنا خطأ إصابة أخ المرحوم (أحمد احساين) الحاج عبد العالي (ونعم الرجل). سال أنفه دما، وتم تشييع الخبر بالجري للمرحوم للمناصرة الفورية.
كنا ننتظر حينها ردة المرحوم (أحمد احساين) بالشدة. كنا ننتظر انتقامه (وهو القوي الرياضي) من ذاك الجلف الغليظ، حين حضر بحق الله لم يكن عنيفا مع ذاك المُغير، لم يكن منتقما بحمية الأخوة والقبيلة، بل دفع بجالوت زمانه أن يعتذر للحاج عبد العالي (أطال الله في عمره)، حد الإذلال والخنوع والتوسل. من تم علمنا المرحوم (أحمد احساين) حينها أن القوة ليست في الجسم والعضلات المفتولة. أن القوة ليست في ارتكاب خشونة لا داعية في لعبة الكرة تنافسية. أن القوة ليست هي الحل الأمثل للثأر، بل بالعقل والرزانة والحكامة تكمن القوة، وتكون الحلول وفق رؤية بعيدة في الأفق مع التسامح والسلمية.
اليوم شيعنا جثمان الرجل إلى مثواه الأخير في مقبرة سيدي عياد، ووسط حشود من ناس (وأهل القبيلة) و غيرهم من معارفه، وكانت كلمات الفقيه خير أثر على قلوبنا:” بأن الرجل سيبقى ساكنا في قلوبنا وبملمح ابتسامته الطيعة التي لا تفارق محياه”. الله يرحمك ابن حيي فقد كنت لي ولغيري ذاك النموذج الأمثل، والهدي السمح في الأخلاق، والسيرة الندية.
تعزيتي لن تقف عند أسرته الصغيرة (الأبناء) ولا الكبيرة (إخوته وأخواته)، بل تتعدى كل هذا وذاك إلى ناس حي الزيتون وما جاوره بالقرب والمعرفة والتواصل. تعزيتي كذلك لكل أحفاد الجدة الكبيرة في التاريخ والحي المرحومة (لالة منانة) وأخص بالذكر هشام القايد رئيس مجلس العمالة. تعزيتي يسودها التأسي من فقدان المرحوم (أحمد احساين)، والذي بحق كان علما أنيقا في المعرفة، علمنا منذ صغرنا الاحترام والتقدير والوفاء لحي الزيتون الشامخ ولناسه الأوفياء.

الاخبار العاجلة