شهدت فعاليات الدورة السابعة عشر للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب ، حضوراً لافتاً للمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) بتعاون مع المعهد الوطني للبحث الزراعي، حيت شكّل رواق إيكاردا وجهةً متميزةً للمهنيين والباحثين والمهتمين بالشأن الزراعي، حيث اجتمع العلم بالتنمية، والبحث بالحلول المستدامة.
رواق علمي يفتح آفاقاً جديدة للزراعة في المناطق الجافة…
رواق “إيكاردا” لم يكن مجرد فضاء عرض، بل كان منصة تفاعلية حية شهدت تنظيم عدد من الورشات واللقاءات العلمية التي تناولت مواضيع بالغة الأهمية، مثل تقنيات الزراعة الذكية مناخياً، والزراعة الحافظة ، وتطوير المحاصيل المقاومة للجفاف. وقد حظيت هذه الورشات بإقبال كبير ونقاشات غنية عكست الاهتمام المتزايد بأدوار البحث العلمي في خدمة الزراعة المستدامة.
تعاون علمي رائد بين المعهد الوطني للبحث الزراعي وإيكاردا…
في سياق عالمي تتعاظم فيه تحديات الأمن الغذائي، وتشتد فيه تأثيرات التغيرات المناخية على النظم الزراعية، يبرز التعاون النموذجي بين المعهد الوطني للبحث الزراعي والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) كأحد أعمدة البحث العلمي التطبيقي في خدمة التنمية الزراعية المستدامة بالمغرب.
لقد أسس هذا التعاون المتين لرؤية علمية مشتركة، تقوم على الابتكار ونقل المعرفة وتطوير حلول زراعية متكيفة مع طبيعة المناطق الجافة وشبه الجافة، وهي الخصائص التي تطبع نسبة مهمة من التراب الوطني. ومن خلال هذا التحالف الاستراتيجي، يتم الاشتغال على مجموعة من البرامج والمشاريع الرائدة التي تمس صميم التحديات الفعلية التي يواجهها الفلاح المغربي، خصوصاً ما يتعلق بإدارة الموارد الطبيعية، وتحسين الإنتاجية، وتثمين الأصناف المحلية، وصحة التربة وكذا مقاومة الأمراض والتغيرات المناخية.
وقد تجسد هذا التعاون في مشاريع بحثية ميدانية ذات أثر ملموس، طورت أصنافًا زراعية أكثر مقاومة، واعتمدت ممارسات فلاحية مبتكرة، وأطلقت منصات علمية لتبادل التجارب بين الباحثين والمهنيين، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية عالية الجودة لفائدة الكفاءات الوطنية، ما ساهم في رفع جاهزية المنظومة الفلاحية لمواجهة التحديات المستجدة.
إن الشراكة بين المعهد الوطني للبحث الزراعي وإيكاردا ليست مجرد تعاون تقني أو علمي، بل هي نموذج متكامل للتكافل في مجال الابتكار الزراعي، يستند إلى رؤية استراتيجية، ويطمح إلى بناء مستقبل زراعي أكثر مرونة واستدامة، خدمةً للفلاح، وللسيادة الغذائية، وللبيئة.
إيكاردا منظمة دولية تُجسد البحث من أجل التنمية…
المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة “إيكاردا” هو منظمة دولية تُعنى بالبحوث من أجل التنمية، وتركّز على تقديم حلول علمية مبتكرة للمجتمعات التي تعيش في المناطق الجافة غير الاستوائية. تعمل إيكاردا بالشراكة مع مؤسسات بحثية، ومنظمات غير حكومية، وحكومات، وفاعلين من القطاع الخاص، بهدف تطوير المعرفة العلمية، وصياغة الممارسات المثلى، والمساهمة في توجيه السياسات العمومية ذات الصلة بالأمن الغذائي والتكيف مع التغيرات المناخية.
منذ تأسيسها سنة 1977، نفذت إيكاردا برامج للبحوث من أجل التنمية في أكثر من 50 دولة، ممتدة من المغرب في شمال أفريقيا إلى بنغلاديش في جنوب آسيا، لتغطي بذلك شريحة واسعة من المناطق الجافة في العالم.
مهمة عالميةونتائج ملموسة…
تتمثل المهمة العالمية لإيكاردا في تطوير محاصيل الشعير والعدس والفول، وتعزيز كفاءة استخدام المياه في الزراعة، وحل مشكلات المراعي، وتحسين إنتاج المجترات الصغيرة. كما تلعب المنظمة دوراً محورياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى في مجالات تحسين إنتاج القمح (الطري والصلب)، والحمص الكابولي، والبقوليات العلفية، والنظم الزراعية المرتبطة بها.
وإلى جانب تركيزها على الابتكار التقني، تولي إيكاردا أهمية كبرى لمواضيع إدارة الأراضي، وتنويع نظم الإنتاج، وتطوير سلاسل القيمة للمنتجات الزراعية والحيوانية، مع إدماج البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، باعتبارها أدوات أساسية لضمان استيعاب فعّال للتقنيات وتعظيم أثر مخرجات البحث.
التزام مستمر تجاه المغرب والمنطقة…
تعكس مشاركة إيكاردا في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس التزامها القوي تجاه دعم جهود المغرب في تعزيز فلاحة مستدامة، وتطوير زراعات ملائمة للظروف المناخية الصعبة، والرفع من مردودية صغار الفلاحين. كما تؤكد هذه المشاركة على أهمية الشراكة بين البحث العلمي والسياسات العمومية، من أجل ضمان الأمن الغذائي وتعزيز الصمود في وجه التغيرات المناخية.
وبهذا، تُبرهن “إيكاردا” من جديد أنها أكثر من مجرد مركز بحثي، بل هي شريك استراتيجي في صنع مستقبل زراعي أكثر عدلاً واستدامة في المناطق الجافة من العالم.