في إطار الاحتفال باليوم العالمي للتربة الذي يصادف 5 ديسمبر من كل عام، قام مشاركون في فعاليات “أيام الاستدامة” بزيارة ميدانية لمدارس حقلية لمحطة التجارب بمرشوش ، بإقليم الخميسات، يوم الخميس، لاستكشاف تقنية الزرع المباشر والتجارب الفلاحية البيئية بالمنطقة. هذه الفعالية تأتي لتعزيز الوعي بأهمية الإدارة المستدامة للتربة والمياه في مواجهة التغيرات المناخية وضمان الأمن الغذائي.
الزرع المباشر: أداة ذكية لتحقيق استدامة التربة
وبهذه المناسبة، أوضح الدكتور رشيد مصدق الباحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي و المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) ، أن المغرب، وعلى غرار باقي دول العالم، يقدم تجارب وطرقا ذكية يقوم بها الباحثون للحفاظ على التربة لاسيما باستعمال الزراعة الحافظة أو ما يعرف بالزرع المباشر.
وأكد الدكتور مصدق ، أن ذلك من شأنه أن يضمن إنتاجية تتكيف مع التغيرات المناخية، ويساهم في إيجاد حلول للإشكالات التي تعتري التربة، إن على مستوى الملوحة أو على صعيد نقص التسميد وضعف عوامل التربة، مؤكدا أن التجارب أظهرت أن الاستعانة بالطرق الذكية تحافظ على خصوبة التربة وتعزز الإنتاج المستدام.
آليات مغربية: الكفاءة في خدمة التربة
من جانبه، قال رئيس ضيعة التجارب الفلاحية بالمركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة، السيد محمد أوزين، في تصريح مماثل، إن زيارة محطة التجارب بمرشوش تروم إطلاع المشاركين على مختلف البذارات (الأليات)، المستعملة في الزرع المباشر، لاسيما البذارة المصنوعة بالمغرب.
وأشار إلى أن الزرع بدون حرث للحفاظ على التربة هو أساس عمل هذه الآلية المغربية (بذارة الزرع المباشر) المجربة لمدة تزيد عن أربع سنوات، والتي تعمل بكفاءة في مختلف الزراعات، للحفاظ على المواد الطبيعية في التربة وترشيد استعمال الماء.
نتائج ميدانية واعدة…
من جهته، أكد الباحث في مجال الزراع المباشر، عبد العالي مكاوي، أن حقل التجارب بمحطة مرشوش، منقسم إلى حقلين، حقل يتعلق بالزرع المباشر وآخر بالحرث، قصد القيام بمقارنة في الانتاجية، موضحا أن الزرع المباشر له تأثير مهم على الانتاجية والمردودية، حيث يساهم في تطوير الخصائص الكميائية والبيولوجية والجيولوجية للتربة.
وأوضح الباحث أن التجارب ترتكز أساسا على دراسة وتقييم الزرع المباشر على الخصائص الفزيائية والكيميائية للتربة، فضلا عن مردودية الفلاحية، مبرزا أن الزرع المباشر يرفع من نسبة الماء في التربة ومن مقاومة التربة لعوامل التعرية، ويحسن من جودة المادة العضوية في التربة.
تحالفات من أجل الاستدامة
وبدوره، أشار المكلف بالتربة والمياه بالمكتب الإقليمي الفرعي للفاو بمنطقة شمال إفريقيا، عبد الرحمان مكي، أنه تم، في إطار مشروع التنمية المستدامة للتربة في المغرب، إبرام اتفاق مع المعهد الوطني للبحث الزراعي والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، مبرزا، في هذا الصدد، أن اليوم العالمي للتربة مناسبة لتحسيس الفاعلين بأهمية التربة والحفاظ عليها.
نماذج نجاح في الفلاحة الإيكولوجية…
على بُعد 27 كيلومترًا من مرشوش، زار المشاركون ضيعة فلاحية بجماعة حد البراشوة تعتمد على الزراعة البيولوجية والإيكولوجية. وأوضح سعيد عكيف، رئيس تعاونية “فلاحتي بلا دوا”، أن الضيعة الممتدة على ستة هكتارات تُعد نموذجًا للابتكار الزراعي، حيث تعتمد منذ 2015 على تقنيات مستدامة تحافظ على جودة التربة وتنوع الإنتاج، رغم معاناة المنطقة من الإجهاد المائي.
“أيام الاستدامة”: منصة للتعاون والتوعية
اختتمت فعاليات “أيام الاستدامة”، التي نظمت بشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بمشاركة واسعة من الفاعلين الوطنيين والدوليين. وقد ركزت هذه الفعالية على التوعية بأهمية الإدارة المستدامة للتربة والمياه، مما يعزز مرونة الأنظمة الزراعية في مواجهة التغير المناخي ويضمن استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
بهذا الزخم العلمي والابتكاري، يواصل المغرب تعزيز ريادته في مجال الزراعة المستدامة، مستهدفًا تحقيق توازن مثالي بين الإنتاجية وحماية البيئة. ويأتي هذا النجاح ثمرة لجهود خبرائه المتميزين ، من بينهم الدكتور مصدق، والدكتور وازين، و مكاوي ، إلى جانب نخبة من الباحثين الذين يساهمون في دفع عجلة التقدم في هذا القطاع الحيوي.