مع اقتراب فعاليات الملتقى الدولي للفلاحة في العاصمة الإسماعيلية، تتزايد التساؤلات حول الهوية الاقتصادية والتنموية لمكناس، وسط تصاعد الآمال والتطلعات نحو جعل المدينة محوراً للفلاحة والصناعات الفلاحية التحويلية.
يعتبر هذا الملتقى أكبر تظاهرة اقتصادية وفلاحية وعلمية في المدينة، حيث وضع أسسها ملك البلاد بعبقريته ورؤيته الثاقبة لمستقبل مكناس. ومنذ الدورة السابقة، جهد رجال ونساء تقدمهم مندوب المعرض، المهندس جواد الشامي، جعل هذا الملتقى فعالية دولية تسجل رقم معاملات يفوق مليار درهم، وتعزز الرواج التجاري والسياحي والتنموي في المنطقة.
ومع هذا النجاح الاقتصادي الواضح، يطرح السؤال بإلحاح: هل نريد فعلاً تحويل مكناس إلى عاصمة للفلاحة والصناعات الفلاحية التحويلية؟ وهل سنستثمر الملتقى الفلاحي كقاعدة للنهوض الاقتصادي، بالتعاونيات الفلاحية والصناعة التقليدية والخدماتية؟ وكيف يمكننا جعل هذه التظاهرة، وغيرها، انطلاقة فعلية لتقوية البنيات التحتية السياحية، خصوصاً في مجال السياحة القروية والجبلية وسياحة المنتجعات البيئية؟
ولكن، مع كل هذه التطلعات، يثير الغياب الواضح لتنسيق بين مجلس جماعة مكناس الحالي الذي يترأسه المهندس جواد باحجي، والتنمية المتوقعة في المدينة، تساؤلات عميقة. هل يتوفر المجلس على إجابات واقعية لهذه التطلعات والطموحات؟ بالصراحة، لا يبدو أن برنامج مجلس جماعة مكناس أو برنامج تنمية جهة فاس مكناس، يحملان أي مؤشرات في هذا الاتجاه. فالملتقى الفلاحي لا يزال حدثاً اقتصادياً ضخماً معزولاً عن محيطه، ولم يتم بعد استثمار مردوديته ونتائجه في منظومة التنمية المحلية.
ومع ذلك، يبقى الأمل معلقاً على القادة والمسؤولين، وخاصة باحجي الذي يرأس مؤسسة كبيرة في التنمية الفلاحية. فمن المهم جداً أن يلتفتوا إلى هذه التطلعات ويعملوا على تطوير البنيات التحتية واستثمار فعاليات الملتقى الفلاحي في دعم التنمية الاقتصادية المحلية، لكي تصبح مكناس مركزاً مزدهراً للفلاحة والصناعات التحويلية، ومحوراً للسياحة البيئية والقروية في المنطقة.