متابعة محسن الأكرمين.
ليس من عادتي في كتابة مقالات الرأي أن أُلقي أقطاف ورد على أحد مهما كانت صفته ومهامه وألقابه. لست من عوائدي القارة ركوب المديح والثناء لأي كان، فدائما ما أصنع المسافات، وأَلْفظ ملاحظاتي وانتقاداتي حول مسارات التدبير والتسيير فقط مهما كانت مرة وسوداوية. اليوم سيكون حديثي حول رجل خبرته منذ توليه قيادة مركب النادي الرياضي المكناسي لكرة القدم، رجل قدم للكوديم خدمات جليلة ووفيرة، رجل بحق آمنت بتصوراته، وثقت بمؤهلاته وخبرته الميدانية، وكنت سندا معنويا له.
خالد تعرابت المهندس والمقاول الرزين، لم يسبق له بتاتا أن كان لاعب كرة قدم، لكن حبه للرياضة ولمدينة مكناس ولفريقها العريق، جعلته ينخرط ضمن مسارات الإصلاح والتقويم والضبط منذ سنوات خلت، والعمل مع آخرين على صيغة الإنقاذ لناد عريق تاريخيا، قد سقط سهوا عند قسم المظاليم الهواة.
خبر الرجل خبايا التدبير الرياضي بالنادي المكناسي، وتعلم من المشاكل والمكائد قوة النهوض والمثابرة على المقاومة. تمرس حنكة على سياسة الكر والفر بأمان. خالد تعرابت قليل الكلام، ومحب للصمت، ومجد في العمل، وصانع فرحة مدينة وساكنة، فحين يضع تصورا فإنه يمتطي الأمواج الخطرة ويقاوم حتى بلا مجاذف، ويصنع النجاحات تلو الأخرى.
خالد تعرابت استطاع بحنكة المهندس من صناعة تفوق النادي في مرحلتين، و تحصين الكوديم داخليا من كل المناوشات ومفرقعات (عاشوراء) بين الإخوة الأعداء. خالد تعرابت نقل الكوديم من الإشكالية الرياضية الموحلة في الإخفاقات والمطبات المميتة، إلى فريق مؤسساتي ريادي، يقوم على أسس الحكامة، والتدبير الشفاف وتحديد حدود الاختصاصات. في سنتين نقل الرجل الفريق من الهواة نحو الاحتراف ضمن الصنف الأول، طبعا صفقت له المدينة معنويا، صفقت له بالصفة والمهام القيادية، ولكل مركب النادي عموما.
لا ننقص من أي كان، وساهم بالشكل المباشر أو بالشكل الداعم للفريق، وإنما أبتغي صياغة مقالات عن الكوديم لعل وعسى خالد تعرابت يتراجع عن تقديم استقالاته عشية الجمع العام العادي للنادي. بحق قد يكون للرجل خرجات غير محسوبة، قد يكون تكوين الرجل العلمي لا يتوافق مع الرياء والنفاق في مجال التسيير والتدبير الرياضي، فالرجل بعفويته التامة قد يسقط في فجوات إلقاء اللوم على بعض المؤسسات الداعمة حبا في النادي فقط لا عداوة ولا دغينة سياسية. قد ينتقد ويهدد بالاستقالة من شدة حنقه (قلة الدعم)، لكنه يبقى وفيا لصناعة التميز وتأهيل الكوديم للعب أدوار طلائعية في المستقبل.
لا ننتقص من أحد، ولكني أؤكد علانية أن من تولى أمر الكوديم في هذه الظرفية الفارقية، فأي كان قد يسقط في فخ المقارنة وقد يَسْطَحُ رأسه والنادي في حائط الإخفاقات والانشقاقات. لا ننتقص من أحد ولكن زمن التدبير الرياضي المرحلي الآن في يد خالد تعرابت لا زال قائم المراس، فهو الكاريزما الوحيدة لقيادة النادي نحو وضع أرجل اللاعبين بأمان على مجرى المباريات.
قد تكون فضائل الرجل أقوى مكسبا من تلك الفجوات الصغيرة التي تلتقطها الألسن وإعلام الشارع، قد يكون الرجل في حزمه وتدبيره العمودي واجب الوجود في هذه المرحلة الانتقالية للكوديم.
يتبع (إنشاء الشركة الرياضية والمشاكل المستعصية).