علاقة المجتمع بالصحة النفسية
كانت الأوبئة و الأمراض المعدية غير الوبائية والكوارث الطبيعية بأشكالها المختلفة هي المارد الجبار الذي يرعب الناس عبر العصور المختلفة و يهدد وجودهم ، فيما بدأ الاهتمام بالصحة النفسية قبل الآلاف من السنين كالصين ومصر الفرعونية و غيرها .
واستنادا إلى بعض المعطيات فإن الحضارات السالفة الذكر قدمت إسهامات كثيرة و متنوعة في مجالات فهم الأمراض والاضطرابات النفسية وعالجتها وذلك بفهمها لطبيعة الأسباب المؤدية وحسب ما توفر لديها من أدوات و وسائل ، و بغض النظر عن طبيعة تلك الاسهامات والتي كانت خاضعة غالبا لتفسيرات غيبية أو غير متناسبة مع الطبيعة الحقيقية للأمراض إلا أنه يمكن اعتبارها مؤشر لاهتمام الإنسان بالجوانب النفسية للصحة منذ القديم .
أما بالنسبة للاهتمام بالصحة النفسية بالشكل الذي نعرفه الان فيرجع إلى العصور الوسطى التي شهدت بعض أشكال الرعاية النفسية هنا وهناك و شكلت هذه المساهمات النواة الأولى للتغيرات اللاحقة حيث أدرك الأطباء المسلمون أهمية الرعاية الصحية والنفسية و الإجتماعية للإنسان فكانت دور الرعاية منتشرة في كل من الأندلس و دمشق و بغداد و كان العلاج بالعمل و الموسيقى في هذه الأماكن والتي كان يطلق عليها إسم البيمارستانات حيث كانت تهدف إلى إعادة الإستقرار والتوازن للمريض نفسيا .
و في سياق متصل فلا يوجد حد فاصل بين الأمراض العقلية والنفسية و السبب أن كلا منهما يؤثر في الاخر ، فقد يتحول مرض نفسي مثل الوسواس القهري أو الإكتئاب إلى مرض عقلي والعكس صحيح لذا عمد علماء النفس الحديث إلى إطلاق إسم “الاضطرابات النفسية” لتشمل الأمراض النفسية والعقلية .
ولا يمكن الحديث عن الصحة النفسية دون التطرق إلى أسباب الأمراض النفسية حيث أن هناك عدة عوامل تؤثر على النفس و تؤدي إلى الاضطرابات النفسية التي تتطور إلى المرض النفسي .
فالمرض النفسي هو اضطراب وظيفي في الشخصية ينشأ من النفس ويبدو في صورة أعراض نفسية و جسمية مختلفة ويؤثر في سلوك الشخص فيعوق توافقه النفسي و يعوقه عن ممارسة حياته السوية في المجتمع الذي يعيش فيه والمرض النفسي أنواع و درجات فقد يكون خفيفا يضفي بعض الغرابة على شخصية المريض وسلوكه وقد يكون شديدا إلى درجة القتل والانتحار .
إن العلاقة بين المجتمع و الصحة النفسية علاقة قوية فبالصحة النفسية والعقلية السليمة نضمن مجتمع قوي البنية و مستقبل جيد .
مراسلة : دنيا البغدادي