متابعة محسن الأكرمين.
من السبق أن نَعتبر الكوديم قد نال بطاقة التأهل للدوري الأول، حتى ولو نال زعامة نصف البطولة من دوري البطولة الاحترافية الثانية. لكن، من الطموح الخالص بالعشق وحُبِّ الكوديم فالكل يُمَنِّي نفسه بعودة النادي إلى القسم الذي (صَالَ وَجَالَ) في ملاعبه سابقا. يكفي ما كابده الفريق في قسم المظاليم (الهواة)، يكفي بأن الفريق نجا بأعجوبة من التشتيت والتفكيك، وخلافات القتل الرحيم !!
اليوم النادي المكناسي يضع قدمه بجرأة في أفق المنافسة على مراتب الصعود الأولى، وهذا الطموح يتضح من نيله الاستحقاقي للبطولة الخريفية بنقاط (30). اليوم بات النادي نُقطة استقطاب لوجوه تخلت عنه في أيام عِزِّ الأزمة العميقة، وعادت في زمن البروز والتفرد. اليوم التصالح بدا مُهِما بين الجماهير والفريق وهو مكسب مستديم بمدينة مكناس، وبات التشجيع بالملعب الشرفي بمكناس نقطة إيجابية في توافرو تحقيق النتائج الجيدة. اليوم نوجه الشكر الموصول لكل مكونات المدينة الداعمة والسلطات الترابية الراعية للنادي، وإلى كل مكونات النادي وعلى رأسهم الرئيس خالد تعرابت الذي آمن ببرنامجه الهيكلي للفريق، وبإمكانية صناعة التغيير، والصعود بالنادي إلى القسم الاحترافي.
قد لا نختلف، بأن طموح الصعود واجب الوجود عند الساكنة والمدينة في هذا الموسم الرياضي، ومطلب لا بديل عنه عند الجماهير والمتابعين، وبالموازاة مع هذا المطلب العادل والسليم، لا بد من التخطيط الأفقي بالمدينة، وصناعة رؤية تستشرف وضعية الكوديم في القسم الاحترافي الأول. فمعايير اللعب في الاحتراف الأول، يحتاج إلى عدة متطلبات لازمة وضرورية. فمن أولى المتطلبات الاستعجالية تهيئة الملعب الشرفي بالإصلاح والترميم والتجهيزات اللازمة (الكراسي/ الكاميرات) لتحسين صورة الفريق والمدينة، من ثاني المتطلبات تكسية أرضية الملعب بالعشب الطبيعي كمعيار للاحتراف في القسم الأول. وبهذه المستجدات، لا بد على مجلس جماعة مكناس إدراج نقطة ضمن جدول دورة فبراير 2024، لأجل تخصيص اعتمادات مالية (لاحقة بميزانية 2024) لتوضيب الملعب الشرفي بمكناس بجودة عالية، في أفق استشراف الصعود إلى الدوري الاحترافي الأول (إن شاء الله)، أو التفكير في إنشاء ملعب جديد بشراكات متنوعة، وبتمويلات مختلفة (الجهة فاس مكناس/ الجامعة الملكية لكرة القدم/ المساهمون…).
فمن السهل العاطفي تصور الكوديم في القسم الأول الاحترافي والمدينة تحتفل بالصعود، لكن بعد الصعود نتساءل: ما تم إعداده لملائمة الصعود ومعايير الجامعة الملكية لكرة القدم ؟ عندها نتساءل بالسبق عن الاستدامة المالية للنادي، وتصفير الديون العالقة كليا، وتوفير ميزانية تقديرية لانطلاقة مشرفة (الانتدابات/ التجهيزات…). نتساءل، عن الدعم المؤسساتي الرسمي، وبناء شراكات ذات امتداد سنوي (3س). نتساءل بأن قيمة الدعم التي توفرها مجالس جماعات مكناس يجب أن يتضاعف حجمها ويزيد بقدر زيادة قوة النادي. نتساءل، عن الدعم الذي يجب أن يكون ممتدا من قبل المكتب المديري للنادي المكناسي المتعدد الفروع. نتساءل، عن رهانات البحث عن الداعمين والمحتضنين، والانتقال من طلب المساعدة الشبيه بالإحسان إلى المواكبة والاحتضان بصيغة (رابح رابح)، واعتبار الرياضة رافعة منتجة للتنمية بالمدينة.
تفكير مكتب النادي المكناسي في إنشاء شركة، كان تفكيرا ذكيا، ينقل التدبير من الاهتمام بالفريق الأول، إلى مفهوم النادي الكبير، وباختلاف فئاته العمرية والنوعية. هنا تحولت الرؤية أولا نحو التدبير المقاولاتية، والرقي بمالية النادي نحو الاستقلالية والاستدامة. وقد تكون رؤية توزيع أسهم الشركة (المساهمون / أعضاء المكتب/ المنخرطون…) رؤية عادلة تروم إلى توحيد الطموح لأجل تسقيف المداخيل والمصاريف المحاسباتية. فالاستثمار في البنيات التحتية الرياضية والبشرية، يستوجب رؤية تشاركية لأجل هندسة الرعاية للنادي تمتد بالزمن والاستدامة.
(اللي بغا الكراب في الصَّمَايَمْ، يتصاحب مَعَاهْ في اللَّياَلِي)، نعم (لي بَاغِي) الصعود يجب أن يفكر في المستقبل حتما !! فلا يمكن أن تصعد الكوديم وتصطدم بمجموعة من الاكراهات الموضوعاتية غير المقدور عليها بالتحكم (تلعب خارج المدينة/ غياب ملعب للتداريب…). فمن العيب أن يتنقل الفريق العريق في حافلات (مكرية) من النقالة وبدون علامة (لوغو) الفريق الحصرية !! هنا من المطالب الأولية أن يتحرك المكتب للترافع، وطلب حافلة تليق بالكوديم من الجامعة الملكية لكرة القدم. فملف الحافلة يجب أن يتحمل مسؤولياته الرئيس، ومكونات المكتب في تمثيلية الجامعة.
قد تبدو المسارات سهلة نحو الصعود (إن شاء الله)، لكن هنالك الواقعية كمحطات أساسية يجب تطويعها وترصيد الممكن إنجازه. قد يعلن الرئيس خالد تعرابت (اليوم، نحن جاهزون جزئيا لتحقيق الصعود) فرحة، وهو يفكر لزاما في المستقبل القريب (ما بعد الصعود)، ويفكر في الرؤية النفعية للنادي في أفق تحصين البقاء، ولعب الأدوار الطلائعية في القسم الاحترافي الأول. فالذي (تَا يَبْغِي سيدي علي… تَيْبَغِيهْ بمتطاباته التكميلية اللازمة)، فما بعد الفرحة والارتياح من نيل (البطولة الخريفية)، يجب أن يفتح ورش التفكير في المستقبل، يجب التخطيط لما ينتظر النادي في المستقبل القريب بعد خمسة عشر (15) جولة، وتحقيق بطاقة الصعود (عمَّا يجب أن تكون عليه الكوديم).