آخر الأخبار

كلمة السيد أحمد رضى شامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئيالملتقى البرلماني الخامس للجهات

[بلادي نيوز]20 ديسمبر 2023
كلمة السيد أحمد رضى شامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئيالملتقى البرلماني الخامس للجهات


تحت شعار
الجهة: فاعل رئيسي في النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة

الأربعاء20 دجنبر 2023

السيد رئيس مجلس المستشارين،
السيد رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج
السيد وزير الإدماج الاقتصادي، والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات
السيد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة
السيدة رئيسة جمعية جهات المغرب؛
السادة رؤساء المجالس الجهوية؛
السيد رئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم؛
السيدات والسادة البرلمانيون
السيدات والسادة المنتخبون

حضرات السيدات والسادة،
• يسعدني أن ألتقِيَ بِكُم اليوم في دورة جديدة من دورات الملتقى البرلماني للجهات الذي يتشرَّفُ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمشاركةِ في تنظيمِه إلى جانب مجلس المستشارين، وجمعية جهات المغرب، والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم، والجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات.

• وأود بهذه المناسبة، السيد رئيس مجلس المستشارين، أن أُشيدَ بالشراكة البنَّاءة التي تَجْمَعُ بين مجلِسَيْنَا، في إطار التفاعل والتكامل المؤسساتي، لا سيما فيما يتعلق بقضايا العدالة الاجتماعية، والجهوية المتقدمة، والتنمية الترابية، والتنمية المستدامة، وغيرها.

• كما أود أن أُهنِّئَكُمْ على اختياراتِكُم الوَجيهة لمواضيعِ دوراتِ هذا الملتقى، بما فيها موضوعُ هذه الدورة، التي تَتّسِمُ دائما بالأهمية والرَاهنية والجَدْوَائية، وتُواكِبُ انشغالات وانتظارات الفاعلين الترابيين، وعمومَ المواطنات والمواطنين في العُمْقِ الترابي.

• وإِنَّ اختيارَ الدورةِ الخامسة لشعار: “الجهة كفاعلٍ رئيسي في النهوض بالتنمية المُنْدَمِجَة والمستدامة”، تجسيدٌ لهذا المَنْحَى الاستراتيجي الذي يتزامَنُ مع سياقِ دُخولْ ورش الجهوية المتقدمة مرحلةً حاسمة تقتضي تعبئةً قوية من أجل التفعيل الناجع لهذا الإصلاح الترابي الهيكلي لحَكَامَةِ الدولة.

• ذلك أن الجهة كفضاءٍ ترابي يُوجَدُ في صدارةِ التنظيم اللامركزي للدولة، تُشَكِّلُ المَوْطِنْ الأمثل في بلورةِ وتنزيلِ السياسات العمومية والمخططات التنموية.
حضرات السيدات والسادة،
• إدراكًا للأهمية القُصوى التي تَكْتَسيها تنميةُ المجالات الترابية، في أبعادِها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمُستدامة، أَوْلَى المجلسُ اهتمامًا خاصًا للقضايا المرتبطة بهذا الورش الطموح في مجموعة من تقاريرِهِ وآرائِه الاستشارية، أذكر منها:

  • متطلباتُ الجهوية المتقدمة، وتحدياتُ إدماجِ السياسات القطاعية، سنة 2016.
  • الحكامةُ الترابية كرافعة للتنمية المنصفة والمستدامة، سنة 2019.
  • ثُم التقرير الأخير الذي يَقْتَرِحُ مَداخلَ للتفكيرِ والعمل، مِنْ أجلِ تنميةٍ متجانسة ودامجة للمجالات الترابية، في أبريل الماضي.
    • وقد انكبَّ المجلسُ – بِشَكْلٍ خاص- عِنْدَ اشتغاله على هذا التقرير الأخير، على بلورةِ مجموعة من التوصيات الرامية إلى إعطاء دفعة جديدة لدينامية المجالات الترابية، وذلك من خلال التفكير مُجَدَّدًا في أدوارِ ومَهَامْ ونطاقِ تَدَخُّلاَتِ الدولةِ ومُؤسساتها، في علاقتِها مع باقي الفاعلين على المستوى الترابي، ولا سيما الجماعات الترابية.
    حضرات السيدات والسادة،
    • إن الإصلاحات التي جَرى إطلاقُها في إطار ورشِ الجهوية المتقدمة تَعْكِسُ إرادةَ الدولةِ في تمكين بلادنا من مَنظومة ترابية قادرةٍ على رفع التحديات الجديدة في مجال التنمية، وعلى الاستجابةِ بفعالية لانتظارات المواطنات والمواطنين.

• هذا، وبعد ثمانِ سنوات على الشروع في تنزيل هذا الورش الملكي والدستوري، وما تَحقَّقَ مِنْ خِلالِهِ مِنْ تحولاتٍ هامة على مستوى تحديث هياكل الدولة، والدفع باللامركزية واللاتمركز نحوَ مساراتٍ غيرِ مَسْبوقة، يُلاحَظُ من خلالِ الرصْدِ والتحليل، ومن خلالِ إفاداتِ مُختلف الفاعلين والخبراء الذين تم الإنصاتُ إليهم، أن نموذج الحكامة الترابية المُعتمَد حاليا، مَا زال لَم يُمَكِّنْ بَعْدُ من تحقيقِ الطموح المُشترك في جعل المجالات الترابية، وخاصَّةً الجهات، الحاملَ الرئيسي للفِعْل التنموي.
• بحيثُ لا تزالُ الجهودُ المبذولة تَجِدُ صعوبةً في تحقيق النتائج المنشودة على مستوى تقليصِ التفاوتات المجالية والاجتماعية، أو فيما يتعلقُ بخلقِ نوعٍ من التوازنِ بين الجهات في المساهمةِ في الثروة الوطنية.
• هذا الواقعُ يَعْكِسُهُ مُؤشِّران رَئِيسِيَان:
 أولا: هناك ثلاثُ جهاتٍ فقط من أصل 12 جهة تساهم في خلق الجزء الأكبر من الثروة الوطنية (حوالي 60 % سنة 2020). وهي جهات: الدار البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة.
 ثانيا: تستحوذ هذه الجهات الثلاث على أكثر من 52 % من الاستثمارات العمومية المعتمدة برسم سنة 2023.
• وتَرْجِعُ أسبابُ هذا الوضع إلى عدد من أَوْجُهِ القصور والاختلالات التي لا تزالُ تُعيقُ التنميةَ الترابيةَ في بلادنا، نذكر منها، ما يلي:
 ضعفُ مردودية الاستثمار العمومي، حَيْثُ يَبْلُغُ المُعامِل الهامِشي للرأسمال (ICOR) 9.4 في المتوسط خلال الفترة ما بين 2000-2019 ، مقابل 5.7 المُسَجَّل على مستوى فئة البلدان التي ينتمي إليها المغرب.
 محدوديةُ مساهمةِ الجهات في مجموع الاستثمار العمومي التي لا تتعدى 4 %، كما سجل ذلك المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الموضوعاتي الأخير.
 ضعفُ مشاركة القطاع الخاص والقطاع الثالث في مسلسل بلورة الرؤية الاستراتيجية للجهة في ميدان الاستثمار؛
 توطينٌ ترابي غير مكتمل للفعل العمومي، لا سيما بالنظر إلى تداخل الاختصاصات الموكولة للجماعات الترابية بمختلف مستوياتها (الجهة، العمالة/الإقليم، الجماعة) من ناحية، وبسبب محدودية قدراتها التنفيذية من ناحية أخرى؛
 تعددٌ غيرُ ناجع للمتدخلين في المنظومة الترابية وضعف الالتقائية بين أنشطتهم ومبادراتهم، مما يَحُدُّ بشكلٍ كبير من فعالية الاستثمار العمومي؛
 البطء المسجَّل في التنزيل الفعلي لميثاق اللاتمركز الإداري، وهو الأمر الذي لا يُمَكِّنُ المصالح اللاَّمُمَرْكَزَة من الموارد البشرية والتقنية والمالية اللازمة لاتخاذ القرار التنموي تُرابيا؛
 نقص كبير في الموارد البشرية المؤهَّلة على المستوى الترابي، مما يحد من مشاركة الجماعات الترابية بشكل فعلي ومؤثر في دينامية التنمية؛
 بطء في تنزيل ورش التحول الرقمي للإدارة، مَعَ مَا لذلك من انعكاسٍ سلبي على الخدمات العمومية المقدَّمة للمرتفقين على المستوى المحلي.
حضرات السيدات والسادة،
• انطلاقا من هذا التشخيص الذي يتقاسمُه مختلفُ الفاعلين الذين تم الإنصاتُ إليهم في إطار إعداده لآراءه حول هذا الموضوع، يوصي المجلس بإجراء تقييم مرحلي لورش الجهوية المتقدمة بإشراك الفاعلين الرئيسيين والأطراف المعنية، وإطلاقِ نقاشٍ بين هذه الأطراف في ضوء نتائج التقييم، من شأنه أن يُمَكِّنَ الفاعلين من تَمَلُّكِ رؤيةٍ مشتركة مُحَيَّنَة، تَحْظَى بالتَوَافُق (بين عَتَبة وسَقْفِ النظام الجهوي)، حول المراحل والخطوات المُقبلة في تنزيل هذا الورش، سواءٌ على مستوى المقاربةِ أو التنفيذ.
• وفي انتظار إجراء هذا المسلسل، يَقترِحُ المجلس جملةً من التوصيات يُمْكنُ تفعيلُها على المدى القصير، سأكتفي بتقديم خطوطِها العريضة، على أنْ يَتِمَّ عَرْضُها بتفصيلٍ خلال فعاليات هذا اللقاء.
• ومِنْ جُمْلَةِ هذه التوصيات المقترحة:
 مراجعةُ القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية من أجل المزيدِ من التوضيح لاختصاصاتها والتدقيق لنطاق تدخل كل مستوى من المستويات الترابية (الجهة، العمالة/الإقليم، الجماعة) حسب طبيعة الاختصاصات (الذاتية، المشتركة والمنقولة)؛
 مزيداً من التوضيح والتدقيق فيما يخص العلاقات بين الفاعلين في المنظومة الترابية (الوالي/العامل؛ رؤساء المستويات الترابية الثلاثة أي الجهة، الإقليم والجماعة؛ المصالح اللاممركزة)، وذلك من أجل تفادي أيِّ تنازعٍ في الصلاحيات ، وتعزيزِ التنسيق فيما بينهم، وضمان التقائيةٍ أفضلَ لتدخلاتهم ؛
 العملُ، في انتظار تعديل القوانين التنظيمية، على نقل الاختصاصات الذاتية من القطاعات الحكومية المعنية بممارسة هذه الاختصاصات نحو الجهات وربط هذا النقل بالموارد الضرورية؛
 وضعُ برنامج زمني مُحَدَّدٍ بدقة، وقابل للتنفيذ ومُلزِمٍ، لنقل الاختصاصات وسلطة اتخاذ القرار من الإدارات المركزية إلى المصالح اللاممركزة للدولة؛
 النهوضُ بالتعاون بين الجماعات، وبالتعاون العَمُودي بين مختلف المستويات الترابية (الجهة، العمالة/الإقليم، الجماعة) (intercommunalité)، من خلال إِنْشَاء شركات التنمية المحلية وغيرِها، من أجل تَعْضِيدٍ أفضل للوسائل، والرفع من جودة الخدمات العمومية؛
 العملُ، في إطار إصلاح القطاع العمومي، على ضمان إعادة انتشارٍ ترابي أَنْجَعْ للمؤسسات والمقاولات العمومية؛
 تثمينُ الوظيفة العمومية الترابية من أجل استقطاب الكفاءات اللازمة القادرة على تنزيل وتتبع ورش الجهوية المتقدمة؛
 تحسينُ جودة الخدمات العمومية المقدمة للمرتفقين، من خلال تسريعِ مسلسل الرقمنة، لا سيما من خلال وضع نظام معلومات ترابي مندمج، يُمَكِّنُ من استعمال آلية التشغيل البَيْنِي (interopérabilité) بين الفاعلين في المنظومة الترابية. وهناك تجارب محلية ناجحة ينبغي تثمينُها وتعميمُها (إقليم بركان مثلا).
حضرات السيدات والسادة،
في الخِتام، أجدد شكري لكل المشاركين في هذا الملتقى متمنيا لأشغالنا التوفيق والنجاح، وأن يَخرج بتوصيات من شأنها المساهمة في النهوض بتنمية المجالات الترابية ببلادنا، في خدمة حاجيات وتطلعات المواطنات والمواطنين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاخبار العاجلة