بلادي نيوز: عمر أعكيريش
سؤال لطالما دار في خلدي، وقض مضجعي، وقد يشاطرني البعض ذات الطرح: لماذا لا تتم الزيادة في أجور رجال الدرك الملكي؟ وهم الذين يعدون جزء مهم من منظومة القوات المسلحة الملكية.. لا ننكر الدور البارز الذي يضطلع به رجال القوات المسلحة الملكية في الدفاع عن حوزة الوطن، ولا يتناطح كبشان حول ما يقوم به رجال القوات المساعدة من أدوار فاعلة في استثباب الأمن وحفظ السلام وزرع الطمأنينة في نفوس المواطنين، فكل هذه المكونات تقتضي العناية والاهتمام خاصة أن فوهات مدافع عدائية تتربص بمغرب العزة من كل الجهات، ما يقتضي إيلاء هذه الفئة من خدام العرش العلوي المجيد العناية القصوى عبر تحفيزات مالية تروم الرفع من معنوياتهم وتحفزهم أكثر على البذل والعطاء.. قوس أغلقه، وأفتح آخر..
شخصيا، أعرف سريات ومراكز للدرك الملكي تعاني الويلات من خلال القصور الحاصل على مستوى التجهيز وميزانية التسيير، خاصة إذا علمنا أن مؤسسة الجيش الملكي التي ينتمي إليها قطاع الدرك الملكي، تحضى بميزانية هامة مقارنة مع ميزانيات القطاعات الوزارية الأخرى، فلولا المجهودات المبذولة من طرف الدركيين العاملين بهذه المنشآت الإدارية عبر تسخير إمكانياتهم الذاتية لباتت مجرد صروح وبنايات إسمنتية بدون روح..
فهل تعلم عزيزي القارئ أن جل رجال الدرك الملكي، وهم يستعدون لمزاولة عملهم في الطرقات لضبط المخالفات وتطبيق القانون، يمولون من جيوبهم بنزين سيارة المصلحة..؟؟
وهل دار في خلدك يوما، أن الدركي ” في حالات متعددة” يشتري من جيبه الأوراق التي يحرر فيها المحاضر، والأقلام التي يستعملها للكتابة، ويقتني الحاسوب ومستلزماته..؟؟
وهل تعلم أن الدركي محروم من تعويضات الساعات الإضافية وتعويضات العمل خارج أوقات الاشتغال وفي الظروف العصيبة؟؟
وهل وصلك أن بعض سيارات المصلحة إن أصابها عطل أو ما شابه ذلك، يجد رئيس المركز أو قائد السرية نفسه مرغما في أحايين كثيرة على إصلاحها من ماله الخاص؟؟
وهل تعلم أن الدركي إذا أراد نقل معتقل من وإلى السجن، أو عرضه على أنظار النيابة العامة، فإنه أمام انعدام سيارة المصلحة، يجد نفسه مجبرا لاستعمال وسيلته الخاصة مع تموينها بالبنزين من جيبه، أو تعويض ذلك بالتوسل إلى أصحاب النقل السري لإنجاز المهمة، ما يفسح المجال لإخضاع الدركي للمساومة والابتزاز من قبل هؤلاء الخطافة الذين يشتغلون خارج إطار القانون، ويجبر الدركي على التغاضي وغض الطرف على المخالفات المقترفة من قبلهم..
هي أوضاع تدق ناقوس الخطر، وتقتضي الإسراع لمعالجة الوضع عبر تفعيل مساطير تروم تحسين وضعية هذه الفئة ماديا على وجه الخصوص، لأن بمثل هكذا إهمال ولا اكثرات إنما يدفع بمن بلغت فيه المدية نخاع العظم، على ارتكاب بعض الإنزلاقات من قبيل تلقي رشاوي وإن قلت قيمتها، حتى إذا ما سقط في المحظور جرد من بذلته العسكرية وزج به في السجن.. هكذا هم أكباش الفداء!!!
ففي الوقت الذي ينعم فيه بعض المفسدين بخيرات البلاد، يغرق أبناءها البررة من أمثال هؤلاء الصناديد في وحل العوز، وكأني بالوطن ينطبق عليه ما جادت به قريحة الإمام الشافعي:
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف
وتستقر بأقصى قاعه الدرر
يبقى الأمل معقودا على المسؤولين وعلى رأسهم صاحب الجلالة الملك المفدى بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية لإعطاء هذا الجهاز و “درره” المكانة اللائقة به، وتمتيع الدركيين من أجور توازي ما يقدمونه من خدمات جليلة، عبر استرخاصهم الغالي قبل النفيس في سبيل الوطن وخدمة مواطنيه..