بقلم عادل بن الحبيب
صحافة الرداءة و التشهير و البحث عن البوز، صحافة بعيدة كل البعد عن أخلاقيات المهنة ،نعم انها أبشع من الصحافة الصفراء ،هي “صحافة زرقاء” ، أي “زرقة”بالمفهوم الشعبي و العامي اي لا تفهم شئ . مقال استفزني، وجعلني أتساءل في قرارة نفسي: هل هذه هي مهنة الصحافة التي يطلق عليها : السلطة الرابعة؟!! هل هذا هو المستوى الذي وصلت إليه صحافتنا؟ ما درجة وعي إعلامنا ونزاهته واستقلاليته؟ أهؤلاء هم صوتنا؟ وجدت نفسي قد امتلأت غيضا، وغضبا، وحرقة على هذه المهنة الشريفة، التي دنسها بعض من يدعي الانتماء إليها! وهي منه براء، كبراءة الذئب من قميص يوسف!
جريدة أعطت لنفسها الحق في اتهام اللاعب الخلوق زكرياء بوخلال ،الذي أبان على روح وطنية عالية، وكان مثال في الأخلاق داخل و خارج الملعب، و الذي وسمه صاحب الجلالة بوسام يليق به خلال الإستقبال الشعبي و الملكي الذي حظيت به بعثة الفريق الوطني، بانتمائه إلى إحدى التيارات الدينية المتشددة .
فتحت عنوان “أبوخلال، سلفي يخترق المُــنتخب الوطني”، نشرت هذه الجريدة مقالا مطولا عن اللاعب المغربي ، تتهمه فيه بالتطرف الديني ،و عابت على الدولي المغربي كونه قارئا وحافظا للقرآن وكذلك قيامه بدور الإمام الخطيب في بعض المناسبات، منها تلك التي تجمعه رفقة بعثة المنتخب المغربي ومعسكراته التربصية، كما اعتبرت سجدة أبو خلال بعد تسجيله الهدف الثاني للمنتخب ضد بلجيكا، فعلا مستوردا من الثقافة المشرقية، وخاصة الوهابية. وأضافت أن تصرفات بوخلال ذات الصبغة الدينية المتشددة، لم تظل حبيسة المستطيل الأخضر، بل انتقلت إلى مدرجات الملعب، وذلك عندما ظهر و هو يلتقط صورة رفقة سيدة منقبة لا تظهر منها سوى عيناها.
هذه الجريدة و هذا الصحفي “الزرق”، نصب نفسه في مكان أكبر من الاستخبارات العامة، لهذا توفرت لديه كل هذه العلومات الخطيرة عن اللاعب و التي لم تتوفر لاستخباراتنا العامة . فهل يظن هذا الصحفي”الزرق” ان استخباراتنا قد يخفى عنها مثل هذه الافعال؟ كما أنه نصب نفسه قاضي ، لهذا قام بالحكم على زكرياء بوخلال بأنه متطرف يسعى لزعزعة الأمن العام. ،و هو افتراء و تشهير و قذف و سب في حق اللاعب.
المقال عرف حملة تنديد واسعة ، حيث عبرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في بلاغ لها عن ادانتها الشديدة في تعاطي هذا الموقع الإلكتروني مع شخص وسلوك اللاعب زكرياء ابو خلال ومن خلاله لصورة المنتخب الوطني بكل فعالياته .كما أكدت انها ستلجا الى المساطر القانونية لحماية اعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم ودحض كل ادعاءات باطلة تمس سلوكهم او حياتهم الشخصية اثناء ممارسة مهامهم الوطنية.
كما ادان المجلس الوطني للصحافة ،في بلاغ صحفي تم نشره استنكاره لهذا السلوك المشين البعيد كل البعد عن أخلاقيات المهنة،مؤكدا في الوقت ذاته أن سيتك عرض الملف على لجنة أخلاقيات المهنة و القضايا التأديبية.
كما ندد نادي تولوز الفرنسي لكرة القدم، بالإساءة التي تعرض لها لاعبه الدولي المغربي . ونشر النادي الذي يمارس بالدوري الإحترافي الفرنسي، على حساباته الرسمية بشبكات التواصل الاجتماعي، رسالة تنديدية بما تعرض له لاعبه المغربي، زكرياء أبوخلال من خلال مقال يطعن في سلوكه وأخلاقه.
و في نفس الوقت تم إطلاق هاشتاغ “كلنا ابو خلال”في المواقع الاجتماعية تنديدا بالإساءة التي تعرض لها زكرياء .
الجريدة و من أجل التخفيف من حدة الوضع، نشرت مقالا توضيحيا للرد على بلاغ الجامعة ومنتقدي هجومها على اللاعب، بعنوان “توضيح” عوض اعتذار، معتبرة أن ردود الفعل ناتجة عن “سوء فهم” لا عن إساءة من قبل كاتب المقال! والأدهى من كل ذلك ، أن الجريدة صنفت المقال المسيء للاعب أبو خلال مقال رأي (غير موقع باسم الكاتب)، مشيرة إلى أنه من الواجب علينا احترام الآراء المخالفة.
من الجميل احترام الآراء المخالفة، لكن من الضروري إقرار المساءلة الإعلامية التي تحقق التوازن بين حقوق الفرد والمجتمع وحق الصحفي في حرية التعبير و حق الأشخاص في عدم التشهير بهم و الافتراء عليهم و محاكمتهم. يجب البحث في الضوابـط المهنيـة للإعلام الجديـد، التي قد تكون هُمشت في ظل الهوس بالمعايير التقنيـة التـي أصبـحت تحتل الجانب الأكبر من اهتمامات المشتغلين بالصحافة ، والبحث عن السبق الصحفي على حساب المعايير المهنية مما فسح المجال واسعا أمام الشائعات.وأمام هذه الإشكاليات ذات الطابع المهني التي قد تُفقد الإعلام مصداقيته واستقلاليته ونزاهته وتفسح المجال واسعا أمام الثلب والتشهير.