محسن الأكرمين.
من الصعب اختصار ضياع الزمن السياسي وإلصاقه عُنوة بمجلس جماعة مكناس !!! ومن بديهيات الصعوبات خلق انتقال ديمقراطي، وصناعة تغيير في ظل إخفاقات ونكسات أزمة سياسية محلية. هذا التحول (التغيير) قد يبيت يخلق (نواة العاصفة) العصية عن الانتهاء والفتور، والتي تماثل (عِيشْ نَهَارْ تَسمع اخْبارْ) في انتظار يوم الحسم والفصل (التصويت عن الرئيس(ة) الجديد(ة)).
الحديث عَمَّا بعد جواد باحجي قد يطول، وقد ساهم بأن أصبحت الديمقراطية نزعة ثقيلة بمدينة مكناس عند كل من ألف الكولسة والفبركة للمكاتب والتفويضات. ولما لا، فقد اكتسب (الحرافية في الانتخابات) صنعة التوافقات القبلية، وعندهم مقاسات كل لاعبي رقعة (الشطرنج) بمجلس جماعة مكناس !!! لكن، ورغم ذلك فلا يُمكن تجنب حضور الديمقراطية والحكامة بقوة، والضرب بقوة على كل خشونة محتملة !!!
اليوم وبعد غد، يجب أن يُنظر إلى القانون التنظيمي للجماعات الترابية رقم (113/14) كبنية متكاملة، لا تنتهي عند تنصيب الرئيس الجديد (التشريف)، بل تمتد نحو القراءة الإيجابية لهذا القانون التنظيمي بلا معيقات تجزيئية، وبلا أنصاف حلول (التكليف) وتقسيم (الحدود) !!! اليوم، بات الإصلاح المؤسساتي لمجلس جماعة مكناس ضرورة ملحة وآنية، ويجب أن تظهر ملامحه في الأجندة السياسية لمن تقلد منصب السيد(ة)الرئيس(ة)، فالتوقف عند مصفوفة الثقة (الناخبين الكبار)، لن يغني المدينة من مطالب الثقة في الأفعال الدالة بخدمة تنمية مكناس الكبير.
مطالب المدينة قد تكون بسيطة، وتنطلق بداية من (قلب الصفحة) عن الماضي، وإزاحة (الندم الفارغ) كبوليميك سلبي سكن القصر البلدي، وذلك من خلال الانتهاء من مرحلة التشويه السياسي المفبرك، والمحاصرة بتقنية (VAR / فَارْ البلوكاج) و (السابوتاج). فمكناس تستحق الأفضل. تستحق الشجاعة السياسية نحو التطوير المؤسساتي لمجلس الجماعة بميزة التخليق، والفعل السياسي الذي لا يعرق التنمية. تبحث المدينة عن رئاسة سلسة وخالية من العثرات، وتتجاوز الأعذار المتكررة، والوعود الكاذبة و (لِي اتْكَالْ يَداَرْ).
من المشكلات المفزعة، والتي لن تنتهي بتاتا بمكناس، ذاك الجدل السياسي الذي يصنع الفحم القاتل للثقة في السياسي المدبر، وفي أفعال ونيات المسير للشأن العام المحلي الجماعي. ولن يتوقف هذا (النزق السياسي) الفوضوي، وقد يزيد حدة بسبب التدافع (الشخصي وليس السياسي) غير الصحي، وثورة المتناقضات بين فئات السياسيين التقليديين المتنازعين على الدوام، والمتصالحين بنفاق المنافع، وتوزيع الغنائم (الريع حلال) !!! فالمتتبع للشأن المحلي بالمدينة قد يجد (متعة ومعنى) لهذا السجال السياسي الحاد والسلبي في نفس الوقت، والمدفوع أصلا بطموحات متباينة حسب الظرفيات والتموقعات (التسيير/ المعارضة)، وتأرجح النقاش عند (الهضاضرية) الكبار وخُفوته، إمَّا بِليِّ الأيدي أو بالاستقطاب النفعي (الريع حلال/ الإنابة والتفويضات).
عندما قلنا (مكناس تنادي بالتغيير والحكامة…)، فإننا نقصد بذلك إعادة البناء نحو الأفضل (التطوير/ الإصلاح)، بعد الأزمة السياسية (VAR / فَارْ البلوكاج) وتلك الفوضى (المشلولة) سابقا، والتي قتلت التنمية الكلية، والثقة في الفاعل والفعل السياسي. الجميع بالمدينة يبحث عن تغيير يتسم بقدرة جديدة في خلخلة بناء (الهيكل السياسي المتجمد) بمجلس جماعة مكناس.
حقيقة لازمة، فأبعاد التغيير لن تقف كما نفهم بالسطحية البسيطة في استبدال الوجوه السياسية، بل في إطار ربح نتيجة تنموية خارج القواسم المشتركة (المكهربة)، والتي لا تنتج غير وجهات النظر المتباينة والمناورة (إنَّا عكسنا)، وذلك وفق ما عرف الفنان المسرحي الساخر (الجم) السياسة هي قول: (نعم ونحن في التسيير/ ولا ونحن في المعارضة !!!). اليوم، سياسة المدينة يجب أن تَنْبني وفق عوامل تنموية جديدة تنضبط لرؤية الحكامة والشفافية، وكسب رهانات التوازن في العلاقة بين المتغيرات غير السليمة (الفرص). تنتظر مكناس نماذج متكاملة من التوازن السياسي القار (بين الفرقاء السياسيين)، وترسيخ سيادة القانون، وإنتاج تنمية من داخل جغرافية القرب الاجتماعي بالصدق والمعقولية.
تنتظر تكريس قيم الديمقراطية ( في انتخاب الرئيس(ة)). تنتظر الشفافية والمحاسبة والمسؤولية التفاعلية و(لِي اتْكَالْ يَداَرْ). تنتظر من المجتمع المدني الاندماج في مسار اتخاذ القرار المؤسساتي، وتقدير الحق الدستوري في المساءلة الاجتماعية للسياسات العمومية. تنتظر تعبئة الساكنة في مجالات سياسة القرب ومراقبة التدبير الناجع للفعل العمومي.