متابعة محسن الأكرمين.
من البداية نُقر بأن البرنامج الغنائي والفني لمهرجان وليلي بات مستهلكا ومتهالكا بعدة مهرجانات وطنية، ولم تعد له قيمة نوعية إضافية خاصة في برمجته في فصل الشتاء !! اليوم أسترق عنوانا (كِيفْ كُنتِي وكِيفْ ارْجَعْتِي). فمن الحقيقة بالصدق التام، أن نصفق لجيل الرواد من مكناس الذين كانوا يخططون لمهرجان وليلي بقوة حضوره الوطني التنافسي والموضعي. فمن ثقافة الاعتراف أن نُفْصِحَ للمتلقي والمتتبع أن برنامج المهرجان كانت تسهر عليه المديرية الإقليمية لوزارة الثقافة بمكناس وبرعاية لصيقة من عمالة مكناس ومجلس المدينة، وبعدها بشراكة مع الجهة بالتنوع. من قوة المهرجان أن اللجنة المحلية كانت تعقد جلسات حتى مع ممثلي الإعلام المحلي لأجل إبداء والرأي والتصويب وأمام أعين مؤسسة العامل. لكن، من المؤسف الحديث عن جواب سؤال: (كيف ارجَعْتِي)؟ لأن التدني بات يُصيب تنظيم هياكل المهرجان برمته، حتى أنك تحس (كم من مرة أريد التخلص منه/ لولا الرعاية المولوية ). فالتحكم الجهوي (قطاع الثقافة) في تمفصلات أيام المهرجان، حتى بات البرنامج يُرسل إلى عمالة مكناس عبر إرسالية ورقية من الصنف الإداري، لإخلاء الذمة والدعوات بمواعيد الافتتاح !! والتسويق بأن المهرجان ثمرة شراكة ورعاية من عمالة مكناس، في حين أن هذه الشراكة والرعاية ما هي إلا بروتوكول إداري لا إلا !!
قد تكون المدينة في ظل موجة البرد القارس غير في حاجة إلى مهرجان يوثق (للنشاط والترفيه) وصناعة الالهاءات الجانبية. قد تكون المدينة في شغل آخر من أولوياتها الداخلية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية، فيما وزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الثقافة- بالقطب الجهوي الأول (فاس)، فهي تتسارع مع الزمن لإنهاء برنامجها السنوي المتأخر بفعل (اقْضِي وعَدِي هاذي هِي مَكناس !! ).
فحين نضع في الديباجة التقديمية لورقة برنامج مهرجان وليلي ( بشراكة مع مجلس جهة فاس -مكناس، وبتعاون مع عمالة مكناس..)، فيجب استشارة المتعاوين في الرأي والتفكير والتخطيط ، واحترام مبدأ الشراكة ليس في الكلفة المادية، بل في الكلفة المعنوية والتنظيمية والإشراف والرعاية. فمن معرض النشر والكتاب الذي همش المنتجات الثقافية والفنية والأدبية بمكناس، إلى مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية، وكأن مكناس باتت للعرض والاستهلاك، لا مدينة الإنتاج الهندسي للتنظيمات الفنية والثقافية. فما الحكمة من هذا التزاحم ما دامت (2023) سنة غير كبيسة، وتتوفر على عشرات الأسابيع الفارغة من المهرجانات خاصة في فصل الصيف والعطلة؟
حقيقة وجيهة، أن مدينة مكناس لها من المكتسبات الثقافية (مهرجانات حصرية/ مهرجان الدراما التلفزية…)، ومن الأطر والكفاءات لصناعة دورة ناجحة من مهرجان وليلي، فالمدينة بطبعها التاريخي لا ترضى استهلاك (ما تم مَضْغه خارج مساحتها الجغرافية) !! فمن ملاحظات الأمور البسيطة في برنامج حفل وليلي يوم الافتتاح (الأربعاء 20 دجنبر 2023 الموقع الأثري وليلي)، غياب الرؤية التقديرية الزمنية: فكيف لزيارة منظمة للموقع الأثري التاريخي وليلي رفقة ضيوف من خارج المملكة أن تنطلق بداية من الساعة 17:30؟ فالفصل فصل شتاء وموجة البرد ضاغطة على المدينة، والظلمة تأتي مسرعة، لكن بفضل موجهات المدينة تم تغيير وقت بداية الافتتاح إلى الساعة الثانية (14,00) بعد الزوال، إنها بحق الفطنة التنظيمية بمكناس المدينة.
سأكتب، لأني بحق لا أثقن غير الكتابة الموضوعية البريئة من الممتدات والخلفيات النائمة، سأكتب لأسعد نفسي والمتتبعين الأوفياء لمقالاتي، كما يمكن أن أُنبهَ حتى الفئة الثانية التي تُقلقها ملاحظاتي بالتصويب والتعديل الإيجابي. لنعلن، رفضنا الجماعي لمائدة طنجرة ضغط تُطبخ في فاس المدينة العلمية، ويتم استهلاكها بمكناس العالية !! فمكناس قد تصوم أياما وأسابيع، وتتهرب طوعا عن تنظيم المهرجانات الفنية والثقافية، ولكنها لن تُفطرَ البتة على وجبة مهرجان وليلي البارد في التخطيط والتوجيه.