محسن الأكرمين.
كثيرا ما نُهمل أشياء تعلمناها بالطبع والتطبع، ونتركها خاملة في أرشيف الذكريات. كثيرا ما لا نثير في حياتنا الجماعية الحضارية ذاك الجدال العقيم في البحث عن التشكيك، وبناء الفخاخ المميتة، والركوب على صهوة (الأنا) الأنانية، بتنميقات زيادة في الذات الفضلى الفاضلة. تعلمت اليوم رغم أني هرمت واشتعل الرأس شيبا، ولا زلت أتعلم على امتداد عمري الزمني، أن العدالة الإعلامية رهان من تمكين تدليل اللغة الصحافية، والأداء التفاعلي مع القضايا الكلية، وعدم إخفاء السؤال الماكر المفزع لتوطين التغيير وإعادة هيكل البناء المؤسساتي.
تعلمت، ولا زلت أتعلم مقومات المعقولية، ومعادلة النزاهة في اللغة الإعلامية، ومحاربة التيه والمكر. تعلمت عند حضور برنامج الشوط الإضافي لمعده ومقدمه الكوتش فؤاد عسو، أن حرية الرأي حاضرة، وتتأسس من احترام الذات وحرية الرأي، والرأي الآخر في المداخلات.
تعلمت، رفقة صديقي الصحفي المهني بوشتى الركراكي، نقد الوضعيات المتهالكة بالتفكيك والتحليل، وتركيب التصويب العلاجي، وتثمين الفرح الرياضي، وكذا ذكر فضل المنجزات الذات قيمة في مختلف الملاعب الرياضية. تعلمت مع صديقي المشاكس في لغته الاجتماعية لا المعيارية، أن الإعلام الصادق لا يمارس الانخداع وبناء أهرام الأوهام، وإنما هو منبر من لا منبر خطاب له.
تعلمت، في كواليس برامج (مدينة اف ام Medina FM) التفاعلية، الوقار واحترام منطلقات أفكار الآخر وتوجهاته الذاتية، وعدم سفسفة عوارض الدفوعات بالنخر والتطيير، فالحق حق بَيِّنٌ وما لقيصر لقيصر حتى ولو أحرق روما حبا !!
تعلمت، أن الإعلام الرياضي النظيف والنزيه يستهدف تحقيق إنسانية حكيمة راضية، ومن مبدإ العدالة الإعلامية ينشأ الوعي. تعلمت، أن الإعلام اقتصاد يدَّخر بناء المعنى المسموع عبر الأثير، ويحمي التاريخ من تشويهات الحقائق ومنخفضات (إعلام الشارع). تعلمت اليوم الحقيقة الكامنة بالرزانة في كواليس برنامج الشوط الإضافي. تعلمت، التفكير بالاقتراح والبديل بالحكامة التدبيرية والتسييرية.
تعلمت، أن القوانين الرياضية لن تبقى لزاما ساكنة غير متغيرة، بل تستوجب الحلحلة والتجديد كما ذهب صديقي بوشتى الركراكي في تحليله لفصول قانون (30/09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة). هي جولة من برنامج الشوط الإضافي، كانت كافية بأن تُنْعِشَ مخيلتي مثل ما يفعل كأس بُن أسود في تجديد خلايا مخيلتي التفكيرية، ونفض التقادم عن لغتي. تعلمت ونحن نهم ترك الاستديو، احترام كل الساهرين على تمرير الحلقة في أبهى صورتها و تدخلاتها ومراحلها المقطعية. اليوم قطعا، تعلمت أن الفعل الرياضي يشبه الطبيعة في تجلياتها الكبرى والتي لا تفضح عورتها الجمالية إلا بنتائج التفرد.
نعم، للتعلم ليس له درس سبورة خشبية، بل ممارسة وتبادل أفكار ومعارف مع أناس يمتلكون الحكمة والتواضع. تعلمت، حين تكون مبادلة معارضة الرأي، تكون بالاحترام في أبهى التجليات والرصانة في الخطاب، والابتعاد عن ممارسة إعلام التيه والضلال (إعلام الشارع). تعلمت، ألا تفزعنا تدخلات لم ولن تكون في حسبان ولا التوقعات، ولكن في قوة الاستماع والتفاعل الدبلوماسي، يبيت الحوار هادئا هادفا. تعلمت من إذاعة (مدينة اف ام Medina FM) قيمة المواطنة الحقة، و أن الإعلام المسموع في أيدي أمينة متمرسة خفية وراء ميكرفون.