وافق مجلس الوزراء الإسباني، هذا الثلاثاء، على تعيين عبد الفتاح دغموم سفيرا جديدا للجزائر بإسبانيا بعد أن استدعت الجزائر سفيرها السابق للتشاور في مارس 2022، ردا على خروج بيدرو سانشيز عن الموقف الحيادي لجميع الحكومات الإسبانية وإعلان دعمه لمقترح المغرب لحل النزاع في الصحراء الغربية.
دغموم، الذي كان بالفعل “الرجل الثاني” في البعثة الدبلوماسية الجزائرية في إسبانيا، يتولى مهامه خلفا لسعيد موسى، الذي تم استدعاؤه للتشاور في 19 مارس 2022 من قبل الجزائر، بعد يوم واحد من كشف الرباط عن رسالة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الموجهة إلى ملك المغرب دعم فيها مقترح المغرب المقدم لحل النزاع في الصحراء الغربية عام 2007.
خطوة سانشيز، التي ساهمت في تجاوز الأزمة الدبلوماسية الخطيرة مع المغرب بسبب موقفه من المستعمرة الإسبانية السابقة واستقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، فتحت جبهة جديدة مع الجزائر.
استدعاء الجزائر سفيرها من إسبانيا كان الدافع وراءه، من بين أمور أخرى، هو الانزعاج لعدم إبلاغ الحكومة الجزائرية بذلك مسبقا، أعقبها في يونيو من نفس العام تعليق معاهدة الصداقة من قبل السلطات الجزائرية، وتخفيض المعاملات التجارية بين البلدين إلى الحد الأدنى، مع ما يترتب على ذلك من خسائر بملايين اليوروهات للشركات الإسبانية التي تصدر إلى الجزائر.
بعيدا عن التوتر
ومع ذلك، خلال الأشهر التسعة عشر الماضية، حافظت الجزائر على إمداداتها من الغاز دون تغيير – فهي المورد الرئيسي – وهو الأمر الذي سلطت عليه الضوء الحكومة الإسبانية دائما، في حين أكده وزير الشؤون الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس، على وجه الخصوص، ويناشد الجزائر تطبيع علاقاتها مع إسبانيا، مؤكدا أن إسبانيا تريد أن تكون لديها “أفضل العلاقات” مع الجزائر.
وظل تدفق الغاز الطبيعي من الجزائر إلى إسبانيا بعيدا عن التوتر، حيث حافظت الجزائر على عقودها مع زبائنها في إسبانيا، لكنها لم تزد الكميات رغم الحاجة الملحة في السوق الإسبانية. وفضلت الجزائر زيادة كميات التصدير إلى إيطاليا التي تسعى هي الأخرى للتحول إلى نادي للغاز الطبيعي جنوب أوروبا.
ونبأ الوصول الوشيك لسفير جزائري جديد، والذي يأتي كخطوة لتجاوز الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، كان معروفا منذ بضعة أيام، لكن حتى الآن لم تصدر الحكومة الجزائرية بيانا عاما، ولم تفعل كذلك وزارة الخارجية الإسبانية، التي جعلت من التكتم مبدأ في إدارة هذه الأزمة مع الجزائر.
ومع ذلك، قال دبلوماسي جزائري مؤخرا لمجلة “جون أفريك” الأسبوعية إنه “لا يمكن توقع استئناف (العلاقة) على مستوى ملموس على المدى القصير”. وحذر قائلا: “يجب أن نمنح الوقت حتى تعود العلاقات إلى المستوى الذي كانت عليه”.
من جانبه، أكد رئيس الدائرة الجزائرية الإسبانية للتجارة والصناعة، جمال الدين بوعبد الله، لوسائل الإعلام الجزائرية أن “اتصالات جرت بين الطرفين في سبتمبر الماضي بنيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة” و”العودة التدريجية للعلاقات بين الجزائر وإسبانيا”.
وبحسب بوعبد الله، فإن الخطاب الذي ألقاه سانشيز أمام الجمعية العامة ساهم تجاوز الأزمة، حيث لم يذكر مقترح المغرب لحل النزاع في الصحراء الغربية واكتفى بدعم “حل سياسي مقبول من الطرفين في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات في مجلس الأمن الدولي”.
كما ساعد الموقف الذي اتخذته الحكومة في الأسابيع الأخيرة في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر والرد الإسرائيلي اللاحق بقصف قطاع غزة. وقد دافع سانشيز عن أن الطريقة الوحيدة لحل الصراع في الشرق الأوسط هي من خلال تحقيق حل الدولتين، وبهذا المعنى اقترح عقد مؤتمر دولي للتحرك نحو هذا الهدف.
قنصل جديد في برشلونة
وكان الرئيس الجزائري قد عين في شهر مايو الماضي، المسؤول الكبير بوزارة الخارجية، عبد الحكيم عموش، قنصلا عاما جديدا ببرشلونة، حسبما نشر يوم الاثنين بالجريدة الرسمية للدولة.
وأقيل عموش من منصبه الحالي “وفقا للقرار الرئاسي الصادر في 19 أكتوبر القاضي بوقف مهامه كرئيس للدراسات والملخصات بوزارة الخارجية لتكليفه بوظيفة أخرى”. وتم تعيين الدبلوماسي عموش في 31 مايو قنصلا للجزائر في برشلونة.
تراجع سانشيز
وجاء خطاب سانشيز شهر سبتمبر الماضي بالجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بمثابة إشارة إلى تراجعه عن دعم مقترح المغرب في الصحراء الغربية، حيث اكتفى بالإشارة إلى الموقف الحيادي والتقليدي لبلاده من النزاع في الصحراء الغربية. وفُهم ذلك على أنه رسالة سياسية واضحة ومحاولة لإنهاء الأزمة مع الجزائر.
من جابنها الجزائر، ردت بإشارات غير مباشرة حينها متمثلة في إعادة بعض الرحلات الجوية بين الجزائر وإسبانيا. وأطقلت الخطوط الجوية الجزائرية خطا يربط جزيرة مايوركا بالجزائر، ويرتقب أن يتم فتح خطوط جديدة مع مدن إسبانية أخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة.
ولا تزال العلاقات التجارية مقطوعة بين البلدين، وقد يُسهم تعيين سفير وطي الأزمة في السماح للشركات من البلدين بالتصدير والاستيراد في الأشهر القليلة المقبلة.
المصدر: إسبانيا