بلادي نيوز: عمر أعكيريش
وأنا أهم في الكتابة على مدينة سيدي إفني” لا أعرف كيف قفزت إلى ذهني مقولة الكاتب الإنجليزي ” بوفيل” وهو يكتب عن تجارة الذهب في تنبوكتو، ولعلي أستعيرها منه ” إن من يكتب عن تنبوكتو لا بد أن تأخذه نوبة من التنهدات” فكيف لي أن أكتب عن مدينة كلما هممت بها أو همت بي، تجدني أغرق في بحر لجي من التنهدات.. سيدي إفني، مدينة تلقن الزائر معنى الحياة، مدينة لا تحتاج فيها إلى إثبات الهوية، أنت فيها حيث لا هوية إلا هوية سيدي إفني، فيها من كل المدن طرف، هي الوحيدة التي جمعت محاسن المدن من تلابيبها..
جمعت البحر، والطبيعة، والهواء العليل، زاوجت بين التقليدي والعصري.. فيها تتهاوى الفروق، وتسقط الفواصل والنقط، بسيدي إفني تغدو اللغات لسانا واحدا، رواية فاتنة متعددة الأصوات هي سيدي إفني..
وأنت تلجها محتضنة مهرجانها السنوي البهيج ” مهرجان تثمين المنتوجات المجالية والتنمية السياحية” في دورته السابعة، تتساءل كيف حشيت هذه المدينة الصغيرة بأكوام التاريخ، حتى إن التاريخ لينضح ويرشح منها رشحا، وحدها الكتابات الأدبية تستطيع ملامسة هذا السطح الفيروزي العميق، وما دونها من وسائل تعبيرية وتلوينات فنية تبقى عاجزة عن النفاذ لعالمها الخفي، لم أجد وأنا أولي وجهي قبلتها أبلغ من البيت الشعري الجميل لأبي فراس الحمداني عن عشق دمشق إذ يرى نفسه وهو ينأي عنها،
مثل الحصاة التي يرمى بها، أبدا
إلى السماء فترقى ثم تنعكس..
هذا حال المدينة الصغيرة بحجم الكف التي تلطم خدها الأمواج، فما بال ساكنتها؟؟ هم أهل سعي دؤوب من غير جشع ولا تدافع، كرم باد لا تخطئه العين، قليلة هي الشحاذة في سيدي إفني، إن لم نقل منعدمة، بكل بساطة تبقى المدينة وساكنتها مثالا حيا يحتذى به في فن العيش والتعايش..
تتفاعل الساكنة الطيبة والزوار على حد سواء مع فقرات المهرجان في يومه الأول، لم تخلف موعدها السنوي الذي ضربته مع إفني، حتى ضاقت المدينة بما رحبت، إلى حد أننا لم نجد مكانا نبيت فيه، فصوبنا وجهتنا نحو مير اللفت، عل أجسادنا تجد مكانا يأويها لتستعيد نشاطها وتستقبل اليوم الثاني من المهرجان، الذي لا محالة سيكون حافلا..