عاملات الضيعات الفلاحية ومعامل التلفيف باشتوكة ايت باها بين شظف العيش وبعبع ” بعض” الشركات المفترسة “2”

بلادي نيوز: دنان الضاوية

السمة الطاغية وسط العاملات الزراعيات هو التحرش أثناء مزاولة مهامهن، بعضهن كسرن أغلال طابوهات السكوت وخرجن بتصريحات صادمة في هذا الشأن، في الوقت الذي ظلت نساء كثيرات يتجنبن الاعتراف به والخوض فيه شكلا ومضمونا..
أغلب العاملات يتعرضن لألوان شتى من العنف، تقول ” أمي عايشة” لا أخفيكم سرا إذا صرحت، أن العاملة في هذا الميدان، تتعرض للعنف اللفظي بدءا من سائق النقل، الذي لا يتوانى عن كيل الشتائم للعاملات خاصة إذا تأخرت إحداهن أو خالفت موعد وقوف شاحنته لنقلهن، فهو الآمر الناهي و ” السي السيد” إلى حين ولوجهن محطة التلفيف، حيث يتولى السيادة ” الكابران” و ” الشاف”…
فالكابران هو قطب الرحى داخل المحطة وخارجها، ويتمتع بصلاحيات واسعة، هو من يختار النساء العاملات، وهو من يوزعهن بحسب أهواءه على مراكز العمل، وبطبيعة الحال ثمة مراكز استثنائية ومعاملة تفضيلية لمن بدت عليها تلبية رغباته الجنسية.. والأدهى أن الكابران يتمتع بنفوذ خارج الشركة التي يشتغل بها لتصل إلى باقي الشركات في تنسيق مسبق مع كافة الكابرانات، مفاده عدم قبول أو تشغيل أية عاملة تم الاتفاق على أنفتها وكبرياءها..

الطريق إلى الشركة حيث تشتغل ” أمي عايشة” طويل نسبيا، وسيلة النقل ” البيكوب” تمر عبر الطريق الوطنية رقم 1 مرورا بآيت ملول، سيدي بيبي، ومراكز قروية تابعة لإقليم اشتوكة ايت، باها، تبلغ مركز تين منصور، وتنعطف عبر طريق ضيق تتوسطه حفر متناثرة، لا يستطيع استيعاب سيارتين متعاكستين، فعلى واحدة منهما الخروج عبر الجنبات الحادة المتهالكة، الشيء الذي يتجنبه السائقين حماية لهياكل وسيلة نقلهم، ما ينجم عنه في أحيان كثيرة اصطدامات وحوادث غالبا ما تخلف ضحايا في الأرواح، وكرونولوجيا حوادث السير بإقليم اشتوكة ايت باها دالة على هول وفداحة الأرقام.
تقول ” أمي عايشة” نضع كل يوم أيدينا على قلوبنا، ونحن نقطع هذه الطريق المحفرة، ولا نتنفس الصعداء إلا حينما تصل الشاحنة وجهتها النهائية، حيث تبدأ معاناتنا مع ساعات العمل وصورة الطريق وما تعرفه من حوادث مميتة تبقى عالقة في أذهاننا – ما تحركت أجسادنا داخل المحطة- حتى نلج بيوتنا..
تضيف ” أمي عايشة” من بين ما نعانيه من مشاكل إلى جانب التحرش بشتى أنواعه، ومشكل النقل، العشوائية في مواقيت العمل، فليس هناك وقت قار، ثمة أيام لا نكاد نعمل فيها لساعة واحدة، بينما هناك أيام أخرى تمتد فيها ساعات العمل إلى 12 حتى 13 ساعة، دون إعلامنا بذلك مسبقا، حتى يتسنى لنا إحضار وجبة عشاءنا وأدويتنا..
خلال فترة ” البورباج” ومعناه اصطلاحا لدى فئة العمال، فترة تكدس السلع في المحطة، تقول ” أمي عايشة” نبقى داخل المحطة منذ الصباح إلى غاية منتصف الليل، دون مراعاة لتعبنا، أو تعويض عن الساعات الإضافية، نشتغل اليوم بأكمله بحساب ثمن الساعة المعمول بها خلال الساعات العادية..

هي علاقة بين أسياد وعبيد، جال في خاطري وأنا أسرد حكاية ” أمي عايشة” الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو يردد : ” متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” وإلى حلقة أخرى من معاناة ” أمي عايشة”

مقالات مشابهة