متابعة محسن الأكرمين.
مَنْ مِنَّا من جيل رمز السباقات والمسافات الطويلة سعيد عويطة من لا يعرف العداء المكناسي (اطْوِيهْرَة) ابن حي بني امحمد. إنه الحامل لاسم الطاهر والمصغر باللقب (اطويهرة)، إنه ابن مكناس الذي أحب المدينة وعشق رياضة العدو والجري منذ صغر سنه. إنه العداء الذي لم ينل من العناية والدعم شيئا، ولا حتى من المساندة والأخذ بيده أيام عزه وعطائه الرياضي، أو يوم عوزه الحاضر وحاجته.
صور الطاهر الملقب عند العموم (اطويهرة)، لا تفارق ذاكرة المكناسيين من جيل السبعينات والثمانينات وغيرهم، فهو كان يجول المدينة طولا وعرضا بالعدو والجري. كان يعشق ارتداء قميص اللون الأحمر لون الكوديم. حين كنت أستجمع كل المعطيات عن مسارات (اطويهرة)، تيقنت أن حتى الأجيال التي تُواليه سنا تعرفه، وتعرف ملمحه وحضوره المبتسم بكل أحياء المدينة. نعم، قد تكون معاناة (اطويهرة) أفقدته اتزانه غير ما مرة. قد تكون المدينة غير رحيمة مع (اطويهرة). هي ذي الحقيقة التي نعترف بها أن مكناس لم تكن ذاك المشتل الراعي لموهبة (اطويهرة) الذي لم يتوقف يوما عن جري المسافات الطويلة. قد تكون المدينة أخفقت في تبني عطاءات (اطويهرة) الرياضية مهما كانت نتائجها، ومهما كانت شخصية الطاهر الثائر، والذي يرفض التحكم والانضباط، ولا يريد أحدا أن يقيد من حرية سلوكياته وعفويته.
يتذكر الجميع ما كان يتعرض له الطاهر (اطويهرة) في مسارات السباقات من تعنيف وقسوة من طرف المشاركين الذين يعتبرونه ندا وخصا صعب المنال واللحاق به. يتذكر الجميع أنه خاض تجارب سباقات شارك فيها (سعيد عويدة) بمكناس وفاس، و لا زال (اطويهرة) يفتخر بقوله (أنا سبقت عويطة) في جنان بحليمة. يتذكر الجميع مشاركة (اطويهرة) في جنان بنحليمة يوم كانت تقام فيه ألعاب العدو الريفي والسباقات الرياضية و الفروسية.
نعم، هو (اطويهرة) الصافي السريرة، والعفوي والعصامي في رياضة العدو. هو الطاهر الذي لازالت تلك البراءة والبسمة الماضية لاصقة بمحياه رغم قسوة العيش التي يكابدها، والكل يحييه بالنداء، وهو في فرحة من أمره ويعيش اجتماعيا من خلال شهرته بالمدينة. نعم، قد يكون إخفاق (اطويهرة) في ممارسة رياضته المفضلة (العدو) ناتج عن عدة معطيات ذاتية وضمنية، لكن المعطى الأوفر حين لم تستطع أحد بمدينة مكناس تبني موهبة الطاهر بالصقل والاحتضان والترشيد والتوجيه. حين لم تستطع مدينة مكناس تكريمه بالفضل (ولو لمرة واحدة) حتى ولو أنه لم يصنع نتائج مدوية. لم تستطع المدينة الشد على يد (اطويهرة) علوا بالرعاية والحماية الفضلى، فبات بالمدينة تائها بلا مُرشد ولا مُوجه، وبلا حماية ورعاية طبية.
من سوء المآلات أن (اطويهرة) يعيش في ضيق من العيش. يعيش أزمة رعاية بعد فقدانه لأخيه (رحمه الله) منذ سنوات. يعيش مرات عديدة التشرد والتيه وسط المدينة. من هنا نداء لكل الفضلاء الكرام على دعم هذا الرجل العصامي الذي أحب رياضة العدو والجري بلا نفاق، و بلا تبرج رياضي. هذا الرجل الذي يعرفه الخاص والعام بالمدينة، وصورته وحضوره تؤثث الذاكرة، من هنا إلى الجمعيات الرياضة تحريك دعم اعتباري أو معنوي للعداء (طويهرة) خاصة في هذه الأيام الفضيلة.